علي حمادة/كفى تنازلات للقتلة

اليوم الذكرى الاولى لاغتيال اللواء وسام الحسن. كلنا يعرف كيف اغتيل وسام، ولماذا، ومن اغتاله، وفي اي سياق اتى الاغتيال. فلقد شكل حلقة اضيفت الى سلسلة الاغتيالات التي سبقت منذ اول محاولة اغتيال لمروان حماده في الاول من تشرين الاول ٢٠٠٤، ثم الاغتيال المزلزل لرفيق الحريري، واستمرت طوال حقبة المواجهة مع مشروع "حزب الله" والنظام في سوريا، فكان اغتيال وسام الحسن جزءا من السياق العام الذي بدأ في تشرين الأول ٢٠٠٤.

 

لا نشك لحظة في ان محور "حزب الله" – نظام بشار الاسد قتل وسام الحسن. وعندما نتحدث عن "حزب الله" فإننا نعني بكل وضوح ان قرارا ايرانيا اتخذ بإجازة الاغتيال، تماما كما حصل مع رفيق الحريري سنة ٢٠٠٥. لم يقتل احد من قادة الاستقلال في لبنان إلا بقرار مشترك من طرفي معادلة ما يسمى "الممانعة" الايرانية – السورية. و"حزب الله" بوصفه ذراعا امنية – عسكرية من صلب التركيبة الاصيلة للنظام الايراني، لا يعمل منفرداً، بل في اطار اشمل واوسع، تماماً كما عمل يوم اشعل حربا في تموز ٢٠٠٦، ضاربا عرض الحائط حياة الف وثلاثمئة لبناني جلهم من بيئته الحاضنة المعتدى عليها مرتين: مرة من اسرائيل ومرة ثانية ممن محضتهم الثقة بتمثيلهم. ولا يشذّ "حزب الله" عن القاعدة في ما يتعلق بتورطه في الدماء السورية، حماية لاسوأ الانظمة وأكثرها إجراما ورجعية في العالم، بل يؤكدها بقوة. فالقرار ايراني والمقاتلون شبان لبنانيون دفعوا الى "واجب جهادي" مزعوم ضد عرب ومسلمين مظلومين على ارض عربية مسلمة !

قتل وسام الحسن بقرار شبيه بقرار قتل رفيق الحريري وسائر الشهداء الاخرين. قتل بنيران "شركاء في الوطن" كان يفترض فيهم ان يكونوا "اخوة في الوطن"، فانتهوا الى جلادين للبنان واللبنانيين الذين قالوا لا، رافضين الاستسلام والتبعية لمنظومة القتل والقتلة في لبنان وسوريا.

ما سبق يدفعنا الى الحديث عن الوضع الحكومي. فثمة اصوات تقدم نفسها على أنها أصوات العقل والتعقل والحكمة، تدعو الاستقلاليين كل مرة تشتمّ فيها تبدلا في موازين القوى، الى الاستسلام وتقديم مزيد من التنازلات على حساب الكيان نفسه، وعلى حساب ما تبقى من النظام وفكرة الدولة ومن التوازنات الدقيقة في البلد. وفي هذا المجال، تدعو تلك الاصوات الى التخلّي عن الحد الادنى من المواقف المعلنة والخضوع لما يريد "حزب الله" فرضه على الجميع، ونعني بذلك حكومة تكون بشروطه المنافية للدستور ولكل ما ينادي به الاستقلاليون. وهنا ندعو بكل صراحة الى رفض الخضوع للشروط التي يراد فرضها مهما حصل، ومهما قيل في ذمّ الاستقلاليين. والمطلوب العمل بوضوح على دفع الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام الى احترام الدستور وتقديم حكومة تمثل الحد الادنى الممكن القبول به، اي حكومة حيادية تكون مهمتها التصدي لمشاكل الناس الحياتية والمعيشية. كفى تقديم تنازلات على قاعدة الخضوع لموازين قوى لن تتغير، ما دمنا نخضع ونستسلم. وكفى تقديم تنازلات لمن لا يتورّعون عن قتل كبارنا متى أُفتي لهم بذلك.

 

شاهد أيضاً

الأردن مملكة تاريخية لا يؤثر بها المخربون والعابثون* أشرف عودة الله الكيلاني

عروبة الإخباري – منذ نشأة الدولة الأردنية منذ أكثر من قرن، وهي تواجه تحديات كبيرة …

اترك تعليقاً