عروبة الإخباري – شهد مسرح مركز الحسين الثقافي تجربة على مستوى فن رقص الفلامنكو، لجهة محاولة تجاوز مناخاته المتأسسة على الحركات التقليدية المألوفة لهذا الفن باجتراح فضاء مغاير تشكل وفق حرية الجسد المنسابة وراء فطريتها المسكونة بالغريزة والحواس، وبخاصة عند إطلاق الفعل الداخلي للعواطف المتأججة في تداعياتها، بفعل بداية حب لم يراع خدر واستقرار سكينة الروح المعتادة.
وكانت صاحبة التجربة الراقصة الإسبانية فوينسانتا «لا مونيتا»، التي قدمها مؤخرا، ضمن الأسبوع الثقافي الإسباني-اللاتيني، كجزء من الإحتفالات بالعيد الوطني الإسباني الذي صادف 12 الجاري.
من خلال تقديمها عرضاً لرقصة الخوندو، التي لم تغب عنها أيضا ملامح العراقة الكلاسيكية من تراث الفلامنكو، تمظهرت لغة الجسد الراقص المسكونة بجموح حصان خرافي متمرد، تناغمت مع فيض من الجمل الغنائية المتسمة بالشجن الحزين لميغيل لابيس، وأنغام عازف الغيتار للويس ماريانو وإيقاعات الطبول لميغيل «إل تشييّنيه.
ومن جهة أخرى جاءت المغايرة في اطلاق تقنيات الحواس لديها، بعيداً عن التقليدية من الحواس الخمس كالبصر والسمع واللمس، وقريبا من الفعل الداخلي لرقصاتها لإدراك مشاعر الألم، والتوازن، وإدراك الحركة والإتجاه، والشعور بالوقت، والتي استطاعت بواسطتها كعلامات دلالية مخاطبة أحاسيس المتلقي في إنشاء الحكايا المختلفة التي أنشأتها لغة جسدها الراقص.
استنطق الفعل الراقص لديها، على استكناه أغوار النفس البشرية لجهة اعماقها وخبايها الدفينة، وبما تمور من ثراء نفسي يصعب معه تحديد مدى جموحها العاطفي في الحالات التي تعيش فيها حياة اجتماعية ونفسية متقلبة.
في الحفل الذي حضره جمهور جله من الجاليات الأجنبية في عمّان، كنا أمام أربعة فنانين غير تقليديين في أدائهم بمختبرا تجريبيا، فكانت النتيجة رقصا متنوعاً وجميلاً، عبر عن مواضيع إنسانية .
كان للسينغرافيا حضور لافت موظفا لإخراج أناقة المظهر الخارجي لمختلف التشكيلات الفردية، التي أنشأتها «لا مونيتا»، عبر نقوش وخطوط الأزياء في مختلف لوحاتها الراقصة، وبخاصة استخدام جمالية اللون الأسود (الفستان) والأحمر(الوردة التي زينت خصلات شعرها) في سياق الأداء.