لم أكن أخطط للكتابة في موضوع دور وزارة الثقافة في الغاء او بالأحرى تجميد «جائزة التفرغ الإبداعي « والتداعيات الناجمة عن هكذا الغاء أو تجميد، لأن مقالتي هذه قد لا ترى النور بالوقت المناسب فتظهر على الملأ بعد ان يكون كل كاتب قد أدلى بدلوه بهذ المجال تماما كالذاهب للحج والناس راجعين.. وكل عام وانتم بخير !
على اي حال لا ضرر ولا ضرار سواء ظهرت المقالة في «العرض القادم» او «قريبا جدا» أو حتى «قريبا « والله اعلم، وهذا يذكّرني بتاريخ قديم يرتبط بتصنيف مواعيد ظهور الأفلام على شاشات العروض السينمائية حينما كنا صغارا لينتظر الجمهور على أحر من الجمر مشاهدة فلمه ونجمه المفضليْن..
نعود لموضوعنا.. ما دعاني للكتابة وشجعني على الخوض في غمار هذه المقالة، هو استماعي لحوار دائر على الأثير بين مثقفين محتجين على نبأ إلغاء وزارة الثقافة مكافأة التفرغ الابداعي حيث علق عدد من المبدعين والمبدعات ممن استفادوا من هذه المكافأة أو ممن يحلمون بالاستفادة منها مستقبلا وكيف جاء هذا الخبر بمثابة الصاعقة على حد رأيهم، هادما بذلك اي امل في دعم المواهب الأدبية كي تستطيع ان تقدّم ابداعها وهي مرتاحة نوعا ما..
وقد علّقت وزيرة الثقافة بدورها واعدة بتقييم مشروع التفرغ الإبداعي ولكن بمشاركة الهيئات الثقافية من اجل النهوض بالمشروع من جديد والارتقاء به من اجل خدمة المثقف الأردني عبر معالجة بعض التفاصيل التي اثّرت سلبا عليه بسبب استغلال البعض لهكذا مشروع.
،وبخاصة ان وزارة الثقافة تعاني من عجز مالي يربو عن ( 400) ألف دينار، مؤكدة «الوزيرة مامكغ» بكل موضوعية بأنها لم تتخذ هكذا قرار من فراغ وانما نتيجة الضائقة المالية التي تعاني منها وزارة الثقافة علاوة على أن جائزة التفرغ الابداعي تكلف سنويا 150 الف دينار. مضيفة بأن هذه المكافأة كانت تذهب لشلة من أدباء العاصمة فقط دون ان يكون للآخرين من داخل العاصمة او خارجها أي نصيب ! مطالبه بالوقت نفسه بضرورة العمل معا كمثقفي الأردن لإعادة» صندوق دعم الثقافة»..
وقد تبع هذا الحديث الإذاعي وقفة احتجاجية نقاشية امام وزارة الثقافة ختمها رئيس رابطة الكتاب الاردنيين موفق محادين بمحصلة نهائية وهي أن الحوار مع وزارة الثقافة سيبدأ بعد الغاء قرار الوزارة تجميد مشروع التفرغ الابداعي..
وأما بالنسبة لرأيي المتواضع فأنا مع طرفي المعادلة مع وزارة الثقافة من جهة ومع المثقفين المحتجين من جهة اخرى! اما لماذا مع وزارة الثقافة ؟ وذلك لعزمها البحث في حيثيات عدالة توزيع ثمار مشروع التفرغ الابداعي وبخاصة بين العاصمة عمان والمحافظات.. وهذا حق !
وفي الوقت نفسه أنا ايضا مع المثقفين المحتجين لأنه لا يجوز الغاء او تجميد هكذا مشروع حتى عام 2015 ريثما يبت الأمر به، اذ لا يجوزالانتظار لعامين قادمين لأن هكذا تجميد قد يسرّع باندثاره للأبد في زحمة المشاريع ا»لرايحة والجاية» في ظل حراك « كل يغني على ليْلاه «..
ولكن الإبقاء على استمرارية مشروع التفرغ الإبداعي مقرون بشرط اجراء الأصلاحات اللازمة عير عدالة التوزيع ما بين المثقفين جميعهم بدون استثناء.. مع العمل معا كمثقفين لإعادة صندوق دعم الثقافة لينأى بالمثقفين بعيدا عن طرْق أبواب وزارة المالية في كل صغيرة وكبيرة. وهكذا يظل دولاب الإبداع يدور مجنّبينه الصدأ في الوقت الذي يتم تعديله وتصويب أوضاعه، مع تذكير الحكومة بأهمية دور وزارة الثقافة للأخذ بيد المثقفين..
صحيح ان هنالك مقولة يؤمن بها الكثيرون بأنه كلما عانى المبدع كلما تفتّق ابداعه وان المعاناة تفجّر الابداع !ولكنني أتوقف هنا وأقول بأن المعاناة بحدود تحفّز الابداع بشرط ان لا تتجاوز الخط الأحمر فكثرة المعاناة تقتل الابداع في مهده.. فنحن مع اعادة توزيع مكتسبات التفرغ الابداعي.. ولسنا مع تجميدها.. وذلك
من خلال مد جسور التواصل بين المثقفين ووزارة الثقافة بعيدا عن الصخب اللفظي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع !
hashem.nadia@gmail<br< a=””> />