عروبة الإخباري – توقعت منذ فترة طويلة جداً وقبل الجميع عدم إستضافة مدينة البصرة لدورة خليجي 22 وسحب الإستضافة منها وتمريرها للسعودية – المقر البديل للإستضافة حسب الدور – لأسباب عديدة ذكرتها في حينه وآخرها قبل يوم كامل من القرار النهائي الذي أعلنه الشيخ علي بن خليفة رئيس الاتحاد البحريني يوم 8 اكتوبر الماضي ، وإستنكرت التهديدات العراقية من جانب جاسم جعفر وزير الشباب والرياضة العراقي بالإنسحاب من البطولة إذا تم سحبها من العراق ونقلها للسعودية ، مشيراً إلى أن إطلاق الإتهامات بالخذلان او التقصيرأو الخيانة لإتحادات الدول الخليجية او للإتحاد السعودي هي أمور لا تصح وأن القرار جاء لأسباب واضحة وأن انتقال الدور إلى السعودية لا يعني سعيها في ذلك إنتقاصاً من حق العراق ، وأن المعركة الحقيقية للعراق ستكون مع الفيفا وبمساندة من أشقاءه العرب لإستصدار قرار برفع الحظر الدولي عن إقامة المباريات بالعراق وأن الفرصة ستكون متاحة لتحقيق ذلك وعودة البصرة للإستضافة في خليجي 23 .
■■ ولكن يبدو أن المسؤولين في العراق – وخاصة مسؤولي كرة القدم – لم يفهموا الرسالة ولم يدرسوا السيناريوهات المتاحة والأنسب قبل التحرك والتفاعل مع قرار سحب الإستضافة الذي سمعت أنه كان متوقعاً ، وأنه كان هناك تحركاً مسبقاً وإستئذاناً حكومياً من مجلس الوزراء ، بإعلان الإنسحاب في حالة سحب الإستضافة، وفوجئنا بتصريحات بالغة العنف وبعيدة تماماً عن الدبلوماسية والروح الرياضية من الوزير العراقي ، والذي صور الأمر عن أنه سوء نية وخذلان وإغتصاب ونوعاً من المؤامرة ، بل ووجه إتهامات غير لائقة للسعودية بتحركها للمنافسة وعمل جبهة لإنتزاع الإستضافة من العراق.
■■ والواقع أنني رغم تعاطفي التام مع مشاعر أسرة كرة القدم العراقية وجماهيرها وشعبها العاشق للعبة ، والذي كان مشتاقاً لإستضافة أشقائه الخليجيين على أرض العراق بعد غياب طويل، وكذلك تقديري لإحباط المسؤولين الحكوميين بعد إنفاق ما يقرب من نصف مليار دولار على إنشاء المدينة الرياضية الجديدة بالبصرة لتنظيم البطولة ، فإنني لم أتوقع مطلقاً أن يكون رد الفعل الرسمي العراقي بهذا العنف والتهديد والإنسحاب والإساءة لقيمة دورة الخليج و للاتحادات الخليجية والتي تحمل إساءة ضمنية تتجاوز ذلك !
■■ والغريب أن أقل الردود حدة كان من المسؤول الكبير نوري المالكي رئيس الوزراء ، الذي كان في رد فعله دبلوماسياً وهادئاً يتحدث عن صدمة للشعب العراقي ويعلن عن أمله في مراجعة القرار دون لغة إساءة او تهديد أو وعيد ، ولكنني لا أعفي سيادته – رغم ذلك – من ترك الحبل على الغارب لوزير الشباب والرياضة، الذي أتصور أن تصريحاته غير الملائمة خلقت أزمة تجاوزت حدود الرياضة ، ومن الواضح أنه لا يُلم مطلقاً بشئون السياسة أو الدبلوماسية أو حتى الكياسة التي لابد أن تحكم كلمات وزير ذو منصب سياسي في حكومة دولة كبيرة مثل العراق ، وما زاد الطين بلة كان تصريحات رعد حمودي رئيس اللجنة الأولمبية الذي أطلق صواريخ لفظية لا تقل عن الصواريخ الكروية التي كان يتصدى لها كحارس مرمى تاريخي للمنتخب العراقي !
■■ المهم أن ردود الفعل العراقية ، أشعلت نيران الأزمة البسيطة ، والتي بدأت سريعاً في التصاعد على المستوى الدولي دون محاولة لإطفاء حرائقها، حتى إلتقط الإتحاد الآسيوي الخيط ولم يستطع أن يصم آذانه عن الأمر – على الأقل – في ظل وجود سوساي أمين عام الإتحاد الآسيوي بالصدفة في المنامة التي شهدت الإجتماع المشهود وربما كان هناك شكاوي أو إحتجاجات للاتحاد الآسيوي ورئيسه الشيخ سلمان بن إبراهيم رئيس الإتحاد الآسيوي ، من بعض رؤساء الإتحادات الخليجية الذين مستهم التصريحات الحكومية العراقية العنيفة ، ولذلك صدر البيان العنيف أيضا للإتحاد الآسيوي الذي انفردنا به منذ قليل ، بتحذير الحكومة العراقية من التدخل في الشأن الكروي وترك الأمر نهائيا لإتحاد الكرة ومسؤوليه ، والتحذير الذي قرأت بين سطوره من خلال الربط بين الفيفا والإتحاد الآسيوي ” إيه إف سي ” ، بإمكانية تدخل الفيفا بشكل عاجل إذا إستمرت هذه النوعية من التصريحات ، والإجراء التقليدي للفيفا في مثل هذه الأمور تحذير مماثل وأكثر عنفاً بعدم التدخل ثم التلويح بعقوبات أبسطها حرمان العراق من المشاركات الدولية والقارية وليس فقط من حظر ملاعبه في المباريات الدولية !
■■ أخيراً ولأن من “أشعل النيران عليه أن يطفيها ” .. أرى أن الأمر كان يحتاج تدخلات هادئة على خط الدبلوماسية الخليجية، من الحكومة العراقية للتراجع عن الإنسحاب، والإعتذار عن التصريحات التهجمية للوزير العراقي ، مع ترك الأمر لحكمة ومسؤولية أعلى سلطة سياسية من قادة وملوك ورؤساء الدول المشاركة في دورة الخليج ، فربما يكون هناك قرار دبلوماسي يصلح ما أفسدته الرياضة وسوء تقدير بعض المحسوبين على الرياضة وهم أبعد ما يكون عن الروح الرياضية وأخلاق الرياضيين التي تسمو بالنفوس وتجعلنا نشبههم دائما بالفرسان والنبلاء !
■■وأعتقد أيضا أن أحد سيناريوهات مباراة فض الأزمة وإطفاء الحريق، يمكن أن تبدأ من منتصف الملعب، بصافرة من الحاضر الغائب الشيخ أحمد الفهد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي،مهندس قرار ترضية العراق في يناير الماضي، وبتمريرة من ناجح حمود رئيس اتحاد الكرة العراقي الشاهد على القرار الأخير وعلى كواليس صناعته والذي كان أكثر المسؤولين العراقيين هدوء ولباقة.-عز الدين الكلاوي-كورة