خالد الزبيدي/الواجبات أو الحقوق أيهما يسبق…

في خضم تطور المتغيرات في المنطقة العربية بخاصة عواصم ما يسمى بـ « الربيع العربي» وصولا الى الحراك الشعبي الأردني الذي مضى عليه نحو 33 شهرا، والالاف من المسيرات والاعتصامات شملت القطاعين الخاص والعام، برزت مفاهيم قديمة متجددة في مقدمتها الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص، واحترام الرأي الآخر، ومكافحة الفساد، واسترداد الاموال المنهوبة…الى غير ذلك من الشعارات التي ترفع اسبوعيا في مسيرات صارت عرفا بعد صلاة كل جمعة، وان كانت محدودة الاثر، وكان لها ما لها وما عليها، وهنا في هذه العجالة نحاول الاجابة على الاسئلة الاقتصادية الاجتماعية ايمانا بأن الاقتصاد هو معيشة الناس، وان في مقدمة الاهداف الرئيسية للاصلاح الشامل يكمن في بلوغ مستوى معيشة لائق كريم لعامة الأردنيين.
الملاحظة التي تسجل على معظم ان لم يكن كافة المسيرات والاعتصامات ضعف التوازن بين الحقوق والواجبات في تسيير الاعمال لكافة القطاعات، فالعامة ترغب في زيادة الرواتب والاجور و زيادة الحقوق دون ربط ذلك بزيادة الواجبات او على الاقل المحافظة على اداء جيد للاعمال وتقديم خدمات افضل للمراجعين ومستهلكي السلع والخدمات، لذلك نجد تراجع الالتزام بساعات العمل وتجويد الاداء، وصولا الى تغول البعض على الدولة وهيبتها، وهذا الاخير كان الحلقة الاسوء في التطورات التي يشهدها المجتمع الاردني.
في السنوات والعقود الماضية لم تكن حياتنا الاقتصادية الاجتماعية افضل كما هي في هذه الايام مع مراعاة التطورات الاقتصادية الاقليمية والعالمية، فالاردن يعاني من فواتير باهظة الثمن بدءا من استيراد مكونات الرغيف بنسبة تقارب 100%، الى المحروقات والطاقة بنسبة 97%، الى السلع الغذائية الرئيسية بنسبة تتجاوز 85%، اما السلع الكمالية والسلع المعمرة تعادل نسبتها اكثر من 90%، وهذه النسب مرهقة على اية حكومة بغض النظر عن كفاءة ادارتها لشتى مناحي الحياة.
ان ارتباط الحقوق بالواجبات يتطلب فكرا نيرا وابداعا في الاداء، وعدالة بين جميع اطراف المعادلة، وبقدر ما ينكر المسؤول في القطاعين الحكومي والخاص لحقوق العامة فأن عدم قيام العامة بالواجبات هو اخلال بنفس القدر، وهذا الانكار المتبادل يقود الى هاوية لايمكن الافلات من نتائجها، وعندها يصبح الاصلاح صعب المنال، ونقع في حال من تبادل اللوم ينحى كل طرف بالمسؤولية على الطرف الآخر، وهذه الحالة تغيب العقل والمسؤولية في بلوغ درجة فضلى من تكافؤ الفرص ومكافحة الفساد وغير ذلك من المقولات التي يفترض ان تحسن اوضاعنا وليس العكس.
ان الواقع الاردني يعج بالافكار والاقتراحات النيرة، في مقدمتها الاوراق النقاشية الملكية التي طرحها جلالة الملك مبكرا في نهاية ديسمبر من العام الماضي، الى جانب مبادرات كثيرة، وهذه الافكار والاقتراحات يمكن ان تحّول الى برامج عمل للخروج من الحالة الراهنة والتقدم بقوة في مسيرة الاصلاح، بحيث تشكل قاسما وطنيا مشتركا يمكن الاعتماد عليه رائدة التوازن بين الحقوق والواجبات لمواصلة بناء دولة عصرية فضلى.

شاهد أيضاً

خلية الأردن والنفق السليماني المظلم

عروبة الإخباري – Lebtalks.com – جورج ابو صعب – لم يكن مفاجئاً للمراقب ما تكشّفت …

اترك تعليقاً