كنت أقلب بعض الأراء , وهي التي كلما تمعنت فيها كلما زادت القناعة بأن الخيار الاستراتيجي لبلد صغير محدود الموارد الطبيعية كبلدنا هو وحده الانفتاح , وقد كانت إجراءات الحكومة في الاصلاحات الاقتصادية واتخاذ القرار ووقف النيل من هيبة الدولة والقانون , محل إنتقاد , وهي التي كانت قبل ذلك مطالب نلومها إذ لا تفعل , وفي التأمل ثمة «هرطقة اقتصادية « إن وافقني القاريء الكريم على التعبير , وألخصها بما يلي :-
* نطالب الحكومة بضبط نفقاتها والوزراء والمدراء بخفض رواتبهم وفي ذات الوقت نعتصم ونتوقف عن العمل لزيادة رواتب الموظفين ونتظاهر ضد إلغاء المكرمات والمنح الدراسية والبعثات المجانية وضد تقنين فاتورة المعالجات الطبية المفتوحة لمن لا يستحقها وضد فرض ضرائب على الأثرياء وضد رفع تعرفة الكهرباء والمياه على كبار المستهلكين ونردد بصوت واحد « الخبز خط أحمر « .
* نطالب بوقف التعيينات في القطاع العام ونزحف على مكاتب الوزراء طلبا للوظائف .
* نستدعي تجارب ناجحة لدول تشبه ظروفنا ونتغزل بالمنهج الذي قادها إلى النجاح حتى إن جاءنا من يطبقه رجمناه !! ونسأل لماذا ينجحون ونرسب , إننا ببساطة نطالب بالشيء ونفعل ضده .
* نطالب الحكومة بأن تكون شجاعة في مواجهة العجز والمديونية لكن كلما سعت الى إحداث تغيير جذري في آليات الدعم ووجهت بهجوم يقوده المتضررون من التصحيح و قوى ضغط تختبئ وراء طابور من الفقراء .
* نبكي على الاستثمار ونبدع وسائل جديدة لطرد المستثمرين ونقول للناجح أن يرفع يده لنكسرها ولا ندع وسيلة لمعاقبة الرابحين .
* نسأل عن جهود تسويق الأردن سياحيا وتجاريا واقتصاديا و نمارس التشكيك في الإتفاقيات وفي المشاريع ونعاقب السياحة ونضيق على مرافقها باسم الخروج على التقاليد .
*نخرق القانون صباح مساء ونبكي دولة القانون ونطالب الأمن بوقف الاعتداءات على المرافق والممتلكات وننتقده إذ يلبي النداء .
* نبكي البطالة والفقر , ونرفض كل عمل لا يناسبنا إجتماعيا , ونطالب بطرد العمالة الوافدة لحصدها فرص العمل .
* نرفض توصيات صندوق النقد والبنك الدولي , ونصفها بالاملاءات ونلوم الحكومة عدم التزامها بالنصائح .
* نلوم الأشقاء على تباطئهم في مساعدتنا, وإن حصل نشكك في سلامة نواياهم .
* نطالب المسؤول بالعمل الميداني وإن فعل كان مثارا للتندر ووصفت خطوته بالاستعراض .
بقي أن نقول أن سهاما عدة إنقضت على الإقتصاد حتى أدمته لكن أسوأها تلك التي كانت تطلق من الداخل , وأبرز عناوينها التشكيك والإتهامية في هرطقة غير محسوبة لطلاب شعبية موسمية يعزفون بين فترة وأخرى على ذات الوتر المهترئ و ذات الإسطوانة التي كسرها من أنشأها أول مرة .. ودائما هناك من سيعود الى ممارسة التضليل والإجتهاد غير المحسوب.
qadmaniisam@yahoo.com
عصام قضماني/هرطقة اقتصادية
26
المقالة السابقة