فتح وزير السياحة (الذي يحمل حقيبة العمل أيضاً وهو تزاوج مثمر حين تحصد السياحة فرص عمل جديدة ليكون بيدر العمل مبشراً) شهيتي للكتابة عن السياحة خاصة وأنه ابدى حماسة واستعداداً لإعادة صياغة واقعها على نحو فاعل..
هل يكرر الوزير الدكتور نضال القطامين ما قاله الفنان الانجليزي أوسكار وايلد «بقي ضباب لندن مجهولاً إلى أن اكتشفناه» فماذا اكتشف وايلد في ضباب لندن..لقد قصد أنه وظفه في لوحاته ورسوماته اي أدخلوه للوحاتهم التي رسموها وكأنهم اكتشفوه أو كأنهم قبل أن يرسموه ظل مجهولاً..
فهل يقصد الوزير ذلك؟.
هل يعيد انتاج الواقع السياحي ليوظفه بصورة أكبر وأعمق وأفعل في الاقتصاد الوطني بالشكل الذي نريده ونتمناه ويكون بذلك قد أعاد تحريك واقع السياحة الأردنية التي ظلت مدخلاتها تزحف ولا تحدث اختراقاً ملموساً في الاقتصاد الوطني حيث عوائد سياحة مدينة دبي وحدها التي لا تملك البتراء ولا جرش ولا المغطس أو البحر الميت ووادي رم ولا التنوع المناخي الجميل عبر الفصول المتعددة ما يعادل (12) ضعف السياحة الأردنية عدداً وقيمة اقتصادية..فلماذا؟
هذا هو سؤال المليون..وهذا هو حجر ارخميدس الذي نبحث عنه وننتظر نقول «وجدتها»..
نتساءل مع الوزير الذي التقيته وتحدثت معه ما الذي يجعل مدخلاتنا السياحية متواضعة أمام مكونات سياحية طبيعية هائلة ونادرة فوق أرضنا حيث يشكل الأردن متحفاً تاريخياً وبيئة جغرافية ومناخية جميلة..أين هي الحلقة المفقودة؟ هل هي في التخطيط أم في التسويق أم في الجدية أم في الكفاءة والكوادر أم في الاستثمار من أجل تعزيز السياحة؟ ..هذه أسئلة سمعها الوزير وفي الإجابة سر الصنعة التي أولها سؤال لاستهلال الكلام ملخصه لماذا يجري تبديل وزراء السياحة لتكون أعمارهم فيها قصيرة لا تتجاوز السنة؟ ..ما الحكمة من ذلك؟..
الوزير القطامين وهو صاحب عقلية علمية وعملية دعا إلى ايجاد قاعدة بيانات وتوفير الاحصائيات اللازمة..وقد كنت أعتقد أنها متوفرة منذ سنوات عديدة أو عبر (12) وزير سياحة في عهد الملك عبد الله الثاني..ثم ما قصة الزمن الذي يمضيه السائح عندنا ومعظمهم لا يمضي سوى ليلة أو بضع ليلة..فما الذي يمنعهم من المكوث وطول الاقامة وهل تكفي المناشدة للضيف ليبقى دون توفر أسباب البقاء؟ وما هي الحوافز التي يعد بها الوزير ليمدد السائح ليلته لليلة أخرى أو مجموعة ليالي؟ وما هي السياحة المحافظة التي دعا الوزير الى ايجادها أو توفيرها وما عكس هذه السياحة يا ترى؟ هل السياحة المحافظة هي الدينية أم التاريخية الأثرية أم التقليدية أم ماذا؟ ولماذا يشكل الأردن كما جاء في تصريح الوزير مقصداً لـ (20) دولة من بين (168) دولة بل من بين (194) هي مجموع دول العالم..
لماذا تراجع الاستثمار الأردني في السياحة وتحديداً المشاريع الممولة من الصناديق الوطنية..(صندوق التشغيل المهني والتقني) والتنمية والتشغيل؟ لماذا يكش المستثمرون ويديرون الظهر لهذه الاستثمارات الصغيرة والتي تحتاج لقروض صغيرة هي الأساس في اعادة بناء الاقتصاد الوطني المنوع وبناء الطبقة الوسطى التي انقرضت منذ فترة..
ثم لماذا تشكو بلديات سياحية مثل مأدبا وجرش الطفر وعدم القدرة على الاستثمار في السياحة وتشكو من عدم انعكاس المردود والمداخيل السياحية عليها..فتظل بلدياتنا ومعظمها قد أعلن عن افلاسه أو ينتظر عوائد المحروقات وصدقات المركز بعد أن تعطلت عوائد (الحراسة والكناسة) والمداخيل المحلية للبلديات لاعتبارات اجتماعية ضاغطة ظلت تعزز مجتمع الاعتماد على الأخر والبحث عن بقايا المجتمع الريعي والركض وراءه وإذا كان أحد النواب المحترمين قد دعا إلى اعادة توزيع مكتسبات السياحة على المحافظات فلماذا لا تنتج المحافظات نفسها سياحة تعود عوائدها لها وعلى العاملين عليها وفيها من أبنائها..
ما زالت العصي توضع في دواليب القادمين للاستثمار والمستثمرين تحت ذرائع واهنة يجري التسليم بها دون فحصها والتخلص من دوافعها..
يا معالي الوزير أنت تعرف الطريق الى سياحة نشطة ومجزية تليق بالأردن ونقدر حماستك ورغبتك للعمل وندعوك إلى صرف الروشيتة التي شخصت منذ سنوات واقع السياحة الأردني حتى لا نستمر في التشخيص ولا نصرف الدواء..ونرجو أن يكون لديك الوقت الكافي لتفعل وتقطع كل هذه المراحل لتصل إلى حل جذري!!
alhattabsultan@gmail.com