هذا سؤال سبقنا الى طرحه الدكتور فهد الفانك , في معالجة تصدت لأوجه إنفاق المنح وشروطها المفروضة من المانحين , لكن هذا السؤال ظل يتردد وسيبقى كذلك طالما أن الحكومات لا تبادر الى إيضاح الحقائق بتضمينها بيانا للرأي العام , يجيب عن كل التساؤلات في هذا الشأن ويريح الناس قمن شاء أن يصدق ومن لم يشأ فذاك شأنه .
ظل السؤال الأهم يتردد الى أن رفعته شعارات الحراكات وتداوله الساسة والنواب وحتى بعض الإقتصاديين لكنهم إرتأوا أن يركبوا موجة الشعبية , وقد تركت حكومات الباب مواربا , خشية أن تقع في فخ الدفاع عما لم تكن مسؤولة عنه مع أن المسؤولية تراكمية فهذه الحكومة مثلا مسؤولة عن قرارات الدولة الأردنية منذ أول حكومة سواء كانت صائبة أم لم تكن , أما الخطأ فهي تملك قرار تصويبه إن وجد .
منذ بدأ الأردن يتلقى منحا خارجية أجنبية وتلك المنح تأتي مشروطة وموجهة الانفاق ومتابعة ومراقبة , حتى أموال برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي التي قامت الدنيا عليه ولم تقعد كانت كذلك , شأنها شأن كل المنح الواردة الى الخزينة أو الى المشاريع من خارجها لم تخرج من دائرة متابعة المانحين لا بل وتحديدهم لمشاريع بعينها .
وين راحت «المصاري» ..؟
هذا سؤال إجابته واضحة , ويمكن لم شاء أن يجد إجابته بالعين المجردة , فهاهي البنية التحتية , طرق ومستشفيات وطاقة وعمران ومدارس وكهرباء ومياه , وقد ظلت مقولة أن في الاردن خدمات وبنى تحتية بمستوى دولة نفطية شائعة حتى يومنا هذا .
الفرق كبير بين القول أن «المصاري» أو الأموال إختفت !! وبين أن نقول أنها لم تنفق في بعضها في مشاريع أو مرافق ذات أولوية , وهذا ما يمكن للدراسات العلمية تحديده فقط وليس مجرد أراء إنطباعية .
لقد بلغ مستوى تدقيق المانحين -ليس الأجانب فقط بل الأشقاء في الخليج – في مصائر منحهم أن يطلبوا أسماء المدارس والمراكز الصحية والطرق في المدن والقرى التي تعتزم الدولة تمويل بنائها من المنح وهي شروط إن كانت تذهب لمصلحة إنفاق أمين , لكنه ليس في مكانه أحيانا , فإن الحكومات لا تملك رفضها لحاجتها الى المال في ظروف صعبة كالتي نمر فيها , ومنذ متى لم تكن ظروفنا الاقتصادية ليست صعبة ؟. .
حتى عوائد التخاصية , فإن توزيع إستخداماتها واضح وقد ورد في كل الموازنات المتعاقبة منذ بدا البرنامج . ونحن لا هنا لم نبتكر شيئا جديدا ولعل كل من بحث في هذا الملف وقع على ما وقعنا عليه من أرقام وأوجه إستخدام واضح ومحدد لكنه مرة أخرى هو الخلط بين تقدير قيمة المشاريع المخوصصة وبين القيمة الفعلية وحجم العائد وهو الذي رأه البعض قليلا ووجدته الوقائع المالية في وقته عادلا .
سيبقى سؤال , يلاحق حكومات , ليطال مشاريع لم تنته بعد أو لم تولد بعد , ما لم تتصدى حكومة واحدة شجاعة ببيان للناس يدفع الشك بالحقائق والوقائع .