ما حضرته من مناقشات هامة في لقاء خصص لدراسة قطاع النقل البحري في الأردن..الواقع والطموحات وقد عقد تحت رعاية وزيرة النقل المهندسة لينا شبيب، أشعرني كم يحتاج هذا القطاع الهام من عناية واعادة انتاج للتخلص من المشاكل والتحديات التي تواجهه كونه من القطاعات الهامة في الاقتصاد الوطني حيث تصل مساهمته لأكثر من 12% رغم ضآلة ما يعطى من فرص فقد جاءت ندوة العصف الذهني التي عقدتها السلطة البحرية الأردنية لتستجيب للعديد من المداخلات الهامة من متخصصين يفخر الأردن بوجودهم وخبرتهم وعلى رأسهم الوزيرة التي تتقن الانصات وطرح الأسئلة والقدرة على التلخيص وهذه صفات لم تعد تتوفر كثيراً من بعض المسؤولين..
استمعت لمداخلات من مدير عام مؤسسة الموانيء ومن رئيس السلطة البحرية الأردنية بالوكالة الذي ادار الحوارات وقدم المتحدثين ومن مجموعة من قادة البحر (الكباتن) ومن مسؤولي النقابات البحرية (نقابة ملاحة الأردن) ومن مدير الأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية ومن مدير عام سكة (الخط الحجازي الأردني) ومن مدير عام شركة الجسر العربي للملاحة ومن مسؤولين في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية وشركة تطوير العقبة..
هناك شكوى واضحة من اختلاط المرجعيات وتداخلاتها المعطلة وهذا ما استمعت له الوزيرة بانصات عميق وتداخلت فيه وأرادت عكسه بصورة ايجابية حين تسائلت أننا لم نأتي هنا لنشكو ما جرت الشكوى منه من سنوات دون تغيير وانما لنحصر المشاكل ونجد الحلول ونبدأ بها وتسائلت عن قانون النقل البحري وسبب رهنه وعدم استكماله..كما اجابت عن ضرورة الاحتفاظ بالخبرات البحرية المؤهلة التي استثمر فيها الأردن كثيراً وايجاد السبل للاحتفاظ بها بوسائل من الحوافز مختلفة عن الشكوى من نظام الخدمة المدنية.
المداخلة التي قدمها مدير مؤسسة الموانيء عكست الحاجة للاهتمام بسرعة انجاز الميناء الجديد وتحديد موعد انجازه والصفات والمرافق التي يوفرها ورد على المقارنة مع ميناء النويبع المصري وكانت لمداخلة مدير عام الجسر العربي للملاحة أثراً كبيراً في تشخيص واقع النقل البحري باعتبار هذه الشركة العربية هي الأبرز في العقبة والبحر الأحمر وهي الناقل الأساس الذي يساهم بصورة رئيسة في تطوير النقل البحري خاصة حين أشار مدير الأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية إلى أهمية ودور الجسر العربي في تدريب الطلاب الدارسين لعلوم البحر وتوفير فرص العمل لهم اذ لولا الجسر العربي ما كان للأردن أن يملك أي باخرة..
المؤتمرون في الندوة دعو أيضاً الى تأسيس محكمة بحرية لحل المشاكل العالقة والمتسببة وتحدثوا عن مواضيع حجز السفن لأسباب فنية أو جنائية وضرورة ايجاد بدائل مكانية كذلك خاصة في المرحلة الانتقالية للميناء الجديد الذي اصبحت سرعة انجازه ضرورة..
اختلطت كثير من القرارات في منطقة العقبة عبر ادارات متعاقبة ولم يجر اختبار الكثير من هذه القرارات خاصة وأن التركيز كما قال مدير عام شركة تطوير العقبة جاء على السياحة التي أعطيت 50% من الاهتمام وقد نجحت في تاسيس مجموعة كبيرة من الفنادق وتوفير بنية تحتية ممتازة وأعطيت الصناعة 30% من الاهتمام وانجزت العديد من الصناعات والمصانع في حين بقي لقطاع الخدمات 20% فقط ولم يخصص للنقل البحري من بين هذا الاهتمام سوى 5% رغم أن العقبة هي الميناء الأردني الوحيد الذي لا يخدم الأردن فقط وانما المنطقة والاقليم وسيكون أمام تحديات عديدة لا بد من الاسراع لمواجهتها والتغلب عليها واعادة تحويلها الى فرص خاصة مع وصول خط أنبوب النفط العراقي..
المداخلة الاكثر التصاقاً بالواقع جاءت من مدير عام شركة الجسر العربي الذي دعى الى الاهتمام بالشركات والخطوط البحرية الناقلة وايجاد التسهيلات لها فهي التي تريد حلاً لمشاكلها لا أن يطلب منها تقديم الحلول خاصة وأن العالم يتنافس على استقطاب شركات النقل لموانئه وهي الفكرة التي علقت عليها الوزيرة بالتأكيد داعية الى استمرار العمل من أجل ايجاد حلول للنقل بشكل عام والنقل البحري عبر مكوناته كافة..
alhattabsultan@gmail.com