عروبة الإخباري – صوّت مجلس الأمن بالإجماع ليل أمس بتوقيت نيويورك على قرار ملزم قانوناً – على الرغم أنه ليس تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة – لمباشرة تفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية كخطوة أولى لإطلاق عملية سياسية يتوقع أن تبدأ بعقد مؤتمر جنيف – 2 الشهر المقبل، في ما يعد انتصاراً هائلاً للديبلوماسية الدولية بعد أسابيع من المفاوضات الشاقّة للتعامل مع الجانب الأسوأ والأخطر من الحرب السورية الطاحنة المستمرة منذ 30 شهراً.
وتسارعت الخطوات على أكثر من جهة وصولاً الى هذه النقطة بعد توصل وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف الى اتفاق على الصيغة النهائية للقرار، التي سارع الى الموافقة عليها أيضاً نظراؤهم الفرنسي لوران فابيوس والبريطاني وليم هيغ والصيني وانغ إي. ووفقاً لهذا الإتفاق، جاءت الخطوة الأولى من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي حيث أتخذ قرار ينص على أن تقدم سوريا “في موعد أقصاه سبعة أيام بعد اعتماد هذا القرار، لتكملة المعلومات التي قدمت في 19 أيلول 2013، مزيداً من المعلومات عما تملكه (…) أو تحوزه، أو يقع في اطار ولايتها أو سيطرتها من أسلحة كيميائية”، ثم أن تقدم “في موعد أقصاه 30 يوماً بعد اعتماد هذا القرار، الإعلان الذي تقضي بتقديمه المادة الثالثة من معاهدة” حظر تطوير وصنع وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدميرها، على أن “تتم ازالة جميع مواد الأسلحة الكيميائية ومعداتها في النصف الأول من سنة 2014”.
وعلى أساس هذا القرار الذي يضع آلية تدمير الترسانة الكيميائية السورية بين يدي خبراء هذه المنظمة تجنباً لتكرار تجربة العراق مع لجان التفتيش الدولية الخاضعة مباشرة لوصاية الأمم المتحدة عموماً ومجلس الأمن خصوصاً، اجتمع مجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية وصوت على القرار الذي أعطي الرقم 2118 والذي لم يتخذ بموجب الفصل السابع أو حتى السادس، والذي يؤكد أن “الدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها”. وإذ يقرر أن استخدام الأسلحة الكيميائية أينما كان يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين”، يندد “بأشد العبارات بأي استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا، ولا سيما الهجوم الذي وقع في 21 آب 2013 في انتهاك للقانون الدولي”، معلناً تأييده “قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المؤرخ 27 أيلول 2013، الذي يتضمن إجراءات خاصة للتعجيل بتفكيك برنامج سوريا للأسلحة الكيميائية وإخضاعه لتحقق صارم، ويدعو الى تنفيذه كاملاً في أسرع وقت وبأسلم وجه”. وطلب من المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن “يقدم تقريراً الى مجلس الأمن، عن طريق الأمين العام (للأمم المتحدة بان كي – مون)، يتضمن معلومات ذات صلة بنشاطات الأمم المتحدة المتعلقة بتنفيذ هذا القرار، في غضون 30 يوماً، ثم كل شهر بعد ذلك”. ويعبر عن “اقتناعه الراسخ بضرورة مساءلة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا”. وأعلن “التأييد التام لبيان جنيف في 30 حزيران 2012، الذي يحدد عددا من الخطوات الرئيسية بدءا بإنشاء هيئة حكومية انتقالية تمارس كامل الصلاحيات التنفيذية، ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، وتشكل على أساس التوافق”. ويقرر أنه “في حال عدم الإمتثال لهذا القرار، بما يشمل نقل الأسلحة الكيميائية من دون إذن، أو استخدام أي كان للأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية، أن يفرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”.
وسبق التصويت على القرار اجتماع عقده الأمين العام للأمم المتحدة بمشاركة وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس بحضور الممثل الخاص المشترك للمنظمة الدولية وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الابرهيمي لإطلاق العملية السياسية وتحديد موعد لعقد مؤتمر جنيف – 2 في العاصمة السويسرية.
وعلى اثر التصويت، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بصدور “القرار التاريخي” الذي يبعث على الأمل. وقال إن القرار “يضمن أن القضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا سيتم بأسرع وقت ممكن بأقصى قدر من الشفافية والمساءلة”. واضاف أن “في سوريا سيضطر المحققون، وهم علماء وخبراء تقنيون، الى التعامل مع وقائع الصراع المستمر. إن نجاح المهمة سيعتمد على تطبيق الحكومة السورية لالتزاماتها بصدق وبدون تأخير، ويشمل ذلك ضمان أمن وسلامة أفراد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة.”
وأكد بان كي مون أيضا على أهمية تعاون قوات المعارضة، وقال إن التدمير الدائم لتلك الأسلحة يصب في مصلحة جميع الأطراف. وقال: “اتفق المجلس على أن السبيل الوحيد لإحلال السلام في سوريا هو العملية السياسية الجامعة بقيادة سورية بناء على إعلان جنيف الصادر في 30 حزيران عام 2012. إن القرار يدعو إلى عقد مؤتمر دولي حول سوريا لتنفيذ إعلان جنيف في أقرب وقت ممكن.” ودعا الى عقد ذلك المؤتمر في أقرب وقت، آملاً في عقده في منتصف تشرين الثاني المقبل.
وقال لافروف إن “مجلس الأمن سيكون مستعداً للقيام بعمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بوضوح تام”، في إشارة الى الفصل الذي يتعلق بسلطة مجلس الامن على فرض تطبيق قرارتها من خلال العقوبات او القوة العسكرية. وأي خطوة من هذا القبيل ستتطلب قراراً جديداً.
وتعليقاً على القرار، قال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن القرار يغطي معظم مخاوف الحكومة السورية. وأضاف أنه يتعين أيضاً على الدول التي تساعد مقاتلي المعارضة وهي تركيا والسعودية وفرنسا وقطر والولايات المتحدة ان تلتزم بقرار مجلس الأمن. وأكد أن الحكومة السورية “ملتزمة بشكل كامل” حضور مؤتمر مقترح للسلام في جنيف في تشرين الثاني لانهاء الحرب الأهلية السورية.