منذ توقيع إتفاق أوسلو الأول في سبتمبر 1993، لم تتوقف عمليات تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بل تسارعت بشكل كبير وأعطت نتائجها الكارثية على الأرض عبر زرع مئات المستعمرات وعبر وجود نحو نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية ومناطق القدس المحيطة وداخل أحيائها.
ولإجراء مقاربات واضحة، نورد بعض المعطيات الهامة، فقد كان عدد المستوطنين في أواخر ديسمبر (2000) ما مجموعه (203,067) مستوطناً، وفي نهاية ديسمبر (2001) بلغ عددهم (213,672) بزيادة تبلغ (1,605) نسمة أي (5,22%) وأغلبية الزيادة نبعت من زيادة ملموسة في ثلاث مستوطنات : بيتار عيليت حيث ازداد مستوطنوها بنسبة (10,15%) ومستعمرة موديعين عيليت (كريات سيفر) التي ازداد المستوطنون فيها بنسبة (18,1%) ومستعمرة كوخاف يعقوب حيث ارتفع عدد مستوطنيها بنسبة (53%) وبشكل عام طرأ هبوط في باقي المستوطنات معطيات وزارة الداخلية “الإسرائيلية” ومكتب الإحصاء المركزي المنشورة على صفحات هآرتس “الإسرائيلية” ـ عدد يوم 23/1/2002 ـ نقلاً عن نشرة ” المصدر السياسي ” المترجمة عن الصحف العبرية.
وارتفع عدد المستوطنين (بين يونيو2001 إلى يونيو2002) إلى (10847) مستعمراً، ليصل عددهم على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة (قبل الانسحاب منه) دون القدس الشرقية نحو (218) ألفا، مايشكل زيادة ملموسة بنسبة (5,21%) لكنها كانت متراجعة قياساً للأعوام التي سبقتها.
ويلحظ بأن أساس الارتفاع يعود إلى التكاثر الطبيعي. والنسبة السابقة تشكّل انخفاضاً عن الأعوام التي سبقت، ففي العام (2000) ارتفعت أعداد المستعمرين بنسبة (7,8%) وفي السنوات التي سبقت العام (2000) ارتفع عددهم بنسبة (8%) في المتوسط.
وثمة (50%) من الزيادة خلال عام واحد قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وقعت في ثلاث مستوطنات أصولية مقامة على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة : مودعين عيليت، بيتار عيليت، كوخاف يعقوب.
أما في القدس الشرقية فإن المعلومات التي وزعتها وزارة الداخلية “الإسرائيلية” فإن ثمة أكثر من (300) ألف مستوطن داخل أحياء القدس المحتلة عام (1967) وجوارها المحيط.
وفي معلومات إضافية نشرها مركز المعلومات الوطني الفلسطيني في رام الله فان العدد الإجمالي للمستعمرات اليهودية المقامة فوق الأرض الفلسطينية المحتلة عام (1967) دون مدينة القدس بلغ ما مجموعه (185) مستعمرة على مساحة إجمالية قدرها (10183,5) هكتاراً موزعة كما يلي : (167) مستعمرة على أراضي الضفة الغربية دون القدس، وعلى مساحة (8419,9) هكتاراً. وهناك مساحات تسيطر عليها سلطات الاحتلال أكبر من المساحة العمرانية أو المبنية عليها المستعمرات.
ومع هذا، يلحظ بأن ميزان الهجرة الاستعمارية الداخلية أولاً من حدود (1948) إلى المستعمرات في الضفة الغربية تقلص بنسب جيدة وأعطى مؤثراته على الانخفاض في عدد المستعمرين الذين ينتقلون للسكن في مستعمرات الضفة الغربية، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الأشخاص الذين يختارون مغادرة المستعمرات. وسجلت الهجرة السلبية تحديداً في عدد من المستعمرات الأيديولوجية منها : مستعمرات عمانوئيل، عالي، ألون موريه، بيت إبل، بالرغم من المزايا الدينية ـ اليمينية التي تقدمها سلطات الاحتلال للمستعمرين.
وعليه، فإن أعداد المستوطنين المستعمرين على أرض القدس الشرقية والضفة الغربية يتجاوز عملياً (500) ألف مستوطن منهم (216) ألفاً على أرض الضفة الغربية دون القدس الشرقية، وعلى مساحات من الأرض تبلغ (1,7%) من مساحة الأرض المحتلة عام (1967) لكن الأراضي التي تسيطر عليها المستعمرات تمثل (41,9%) من مساحة الصفة الغربية والقدس.
وحسب تقديرات “حركة السلام الآن الإسرائيلية” والدراسات المختصة، فإن حوالي (154) ألـف مستعمـر يشكلون نسبة (71%) من المستعمرين يقطنون في مناطق تسمى بالعرف “الإسرائيلي” الصهيوني مناطق ذات إجماع داخلي “يهودي قومي صهيوني” عند أغلبية الخارطة السياسية في دولة الاحتلال وتحديداً في منطقتي القدس الكبرى وغرب الضفة الغربية. وحوالي (62) ألف مُستعمر يشكّلون نسبة (29%) يقطنون مستعمرات العمق، التي تسمى “مناطق الجدل السياسي” بين انسحاب من عدمه، وبين انسحاب وتبادل أراضٍ.
وتشكّل مستعمرات الضفة الغربية ما نسبته (91%) من مجموع المستعمرات المقامة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة عام (1967) قبل تفكيك مستعمرات قطاع غزة، وما نسبته (92,86%) من مساحة المنطقة العمرانية للمستعمرات إذا ما استثينا المستعمرات المقامة داخل وعلى محيط مدينة القدس. حيث تَضُمُ محافظة القدس أكبر عدد من المستعمرات وعددها (84) مستعمرة، كما أنها تضم المساحة الكبرى من حيث الأراضي الاستعمارية والبالغة (45615) دونماً، أي مانسبته (56,14%) من مساحة المنطقة العمرانية للمستعمرات في الضفة الغربية.
ويلي محافظة القدس في ذلك محافظة نابلس التي بلغت مساحة المنطقة العمرانية للمستعمرات فيها (20638) دونماً، أي ما نسبته (27,71%) من إجمالي مساحتها في الضفة الغربية، ثم يلي ذلك محافظة الخليل.
أما بالنسبة لمساحة المستعمرات بالنسبة لمساحة اللواء (المحافظة) فهي أعلى ما تكون في لواء القدس بنسبة (5,76%) ثم رام لله بنسبة (1,89%) ثم نابلس بنسبة (1,6%) ثم بيت لحم بنسبة (1,4%).
ومجموع مساحة المستعمرات في نابلس أعلى من غيرها حيث تبلغ (31,66%) من مجموع مساحة المنطقة العمرانية للمستعمرات في الضفة الغربية، ويعود ذلك لكبر مساحة اللواء أولاً، ثم لاستهداف أراضيه في المناطق الشرقية (الأغوار) الغنية بالمياه والأراضي الزراعية.
إن محافظة القدس تضم أكبر عدد من المستوطنات، وعددها (84) مستوطنة، كما أنها تضم المساحة الكبرى من حيث الأراضي الاستيطانية والبالغة (45615) دونماً، أي ما نسبته (56,14%) من مساحة المنطقة العمرانية للمستوطنات في الضفة الغربية، وتكون نسبة مساحة المستوطنات بالنسبة لمساحة اللواء (5,76%) في القدس، حيث أعلى ما يمكن قياساً للمدن والمحافظات الباقية في الضفة الغربية.
كما تَضُمُ القدس عدداً كبيراً من مستوطنات الفئة الأولى التي تزيد مساحتها على أكثر من (1500) دونم كمستوطنات جيلو، عوفر ومعاليه أدوميم هذا إضافة مستعمرة جبل أبوغنيم التي قاربت على وشك الانتهاء بعد استكمال أعمال الخراسانة المسلحة.
وبالإجمال تصنف المستعمرات من حيث المساحة إلى أربع فئات، مستعمرات الفئة الأولى : مساحتها أكثر من (1500) دونم وتمثل ما نسبته (7,58%) من مساحة إجمالي مستعمرات الضفة الغربية والقدس ومنها مستعمرات ـ جيلو، عوفر، معاليه أدوميم في لواء القدس، ومستعمرة أريئيل في نابلس، ومستعمرة بيت إبل في رام الله.مستعمرات الفئة الثانية : مساحتها تقع بين (1000 ـ 1499) دونماً، ويقع أكثرها في لواء نابلس، ثم القدس، رام الله.مستعمرات الفئة الثالثة : مساحتها بين (500 ـ 999) دونماً، وتشكل ما نسبته (67,7%) من مساحة المستوطنات الاجمالية. مستعمرات الفئة الرابعة : وهي المستعمرات التي تقل مساحتها عن (500) دونم، ويدخل في عدادها مستوطنات الكرافانات (البؤر الاستيطانية) التي تتكاثر كالفطر.
أما المستعمرات التي تقع إلى جوار الخط الفاصل بين فلسطين المحتلة عام (1948) وخط (1967) فيبلغ عددها (17) مستعمرة، وتقع جميعها في الجانب المحتل عام (1967) بمساحة إجمالية تقارب (15200) دونم. ومعظم المستعمرات مخصص كمدن سكانية بنسبة (76,7%) في الضفة الغربية، وبنسبة (73,4%) في مستعمرات قطاع غزة قبل تفكيكها وذلك من مساحة المستوطنات، وباقي النسبة فهي عبارة عن مستعمرات زراعية وتنتشر بشكل خاص في ألوية أريحا، بيت لحم، نابلس، غزة.
ومن الواضح من الخريطة الرقمية لتوزع مساحات الاستعمار الاستيطاني التهويدي أن ألوية : القدس، رام الله، الخليل، نابلس تشكّل أكثر المناطق المستهدفة في عمليات الاستيطان الجائر، لأسباب استراتيجية ديمغرافية، وضمن سياسة عزل الأراضي الفلسطينية وتقطيع أوصالها بواسطة كتل الاستيطان الكولونيالي التوسعي التهويدي. فضلاً عن خصوبة أراضيها واحتوائها على الجوف المائي لفلسطين.
علي بدوان
كاتب فلسطيني سوري/دمشق