في كلمته المكثفة والتي غطت مواضيع عديدة..كان الملك عبد الله الثاني أبرز الزعماء العرب في تناول القضية الفلسطينية والتي هي أيضاً قضية وطنية أردنية بامتياز لتداخلها الشديد في التركيب السياسي والاجتماعي والجغرافي والأمني الأردني، فقد ظل الأردن الذي نشأ كدولة وطنية مع نشوء القضية الفلسطينية حين وضع الانجليز فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام 1917 في نفس الوقت الذي كان الانجليز فيه في شرق الأردن اثر تقسيمات سايكس بيكو..ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم لم يفك الأردن ارتباطه السياسي والمصيري بالقضية الفلسطينية بل ظل على الدوام وعبر ممالكه الأربعة المستمرة وملوكه من المؤسس الراحل عبدالله الأول إلى الآن يحمل أعباء في القضية الفلسطينية ويعمل من أجل ضمان حل عادل لها يوقف العدوان والظلم ويعيد للشعب الفلسطيني حقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية..
ما يميز الخطاب الرسمي الملكي في المحافل الدولية هو غلبة القضية الفلسطينية فيه ففي الوقت الذي عتم الربيع العربي تناول هذه القضية وجعل الأنظمة العربية تنصرف إلى قضاياها الداخلية لتجد اسرائيل فرصة لتكريس احتلالها ظل الأردن يقرع الجرس محذراً ويدق أبواب العالم لافتاً إلى ضرورة ايجاد حل لهذه القضية المسؤولة عن غياب الأمن والاستقرار في هذه المنطقة..
ما زلت أذكر قولاً واضحاً ومشخصاً لحال القضية الفلسطينية للملك عبدالله الثاني عشية تفجيرات نيويورك في 11/ 9/ 2001 ففي اليوم الثاني للتفجيرات تحدث الملك بوضوح وقال «ما كان يمكن أن يحدث الذي حدث لو أن القضية الفلسطينية وجدت لها حلاً» وقد ظل هذا الكلام صحيحاً ومعبراً عن كل العمليات التي حدثت في المنطقة والتي صنفت تحت الارهاب وبالتالي غياب الاستقرار وها هو الملك عبدالله الثاني ومن منبر الجمعية العامة وبعد أكثر من ستين سنة على قيام اسرائيل واستمرار الصراع واكثر من عقد من الزمن على العملية الارهابية في نيويورك وما بين ذلك التاريخ وإلى اليوم فإن القضية الفلسطينية في غياب حل لها ما زالت تصادر الأمن والاستقرار..وقد عبر الملك عن ذلك في كلمته أمس الأول في الأمم المتحدة بقوله (يجب انجاز حل سريع لصراع الفلسطيني-الاسرائيلي الذي يغذي التطرف بالعالم) إن استمرار هروب المجتمع الدولي تحت ضغوط الحركة الصهيونية واسرائيل وحلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية من ايجاد الحل الدائم والعادل للقضية الفلسطينية سيبقي دوامة العنف قائمة وحرائقها مشتعلة وسيظل العالم يعيش في كل يوم ظواهر الارهاب ومجرياته لأن الأطراف الدولية النافذة لا تريد أن تضع يدها على الدوافع والأسباب والمجريات التي سببت العنف والاحتقان وردات الفعل المتباينة..
ففي كلمته الواضحة والقوية والمسيسة البعيدة عن الانشائية أشار جلالة الملك عبدالله إلى ضرورة بناء سلام في المنطقة حتى يكون الشرق الأوسط ركيزة ومشكلاً لمستقبل الأمن العالمي..لأن الصراع المستمر فيه ما زال يهدد الأمن والاستقرار العالمي وما زال العدوان الذي شنته اسرائيل بداية ومنذ قيامها وإلى اليوم يفرخ ويلد عدواناً جديداً وحروباً تلد الواحدة الأخرى وما زالت فقد رهن الاسرائيليون المنطقة باستمرار سياساتهم الرافضة لاقامة سلام عادل وباستمرار الاستيطان الذي رفض الملك استمراره وطالب بوقفه لافساح المجال لعملية السلام أن تنهض كما طالب بوقف التعديات الاسرائيلية في القدس وأماكنها المقدسة حيث تلعب اسرائيل بالنار وتدفع باتجاه تجديد الصراع وتغذيته رغم ما بذله المجتمع الدولي المخلص والعرب والفلسطينيين من خلال قيادتهم الشرعية من جهد وأسباب كبناء عملية سلام ناجحة فهل يفلح العالم الآن وبعد كل هذا الكم من العنف ومتتالياته واعراضه وغرق العديد من الدول فيه في حل القضية الفلسطينية ليكون ذلك السبيل للسلام والاستقرار..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/الملك: استمرار الاحتلال يغذي التطرف بالعالم
16