سلطان الحطاب/لماذا يغيب بناء الموقف الفلسطيني؟

يجري سحب البساط من تحت أقدام حماس في غزة حيث كسبت تجربة حكم حماس في غزة المزيد من الأعداء، اسرائيل والسلطة ومصر (بعد عزل مرسي) ومع التبدلات الكبيرة والسريعة في خريطة التحالفات فإن حماس ما زالت تحلف أنها «لن تنزل البئر رغم أنها واقفة في قاعه الآن»..
مصر تحاصر حماس لتدخلها في الشأن الداخلي المصري وهي مسؤولة عن اطلاق مرسي من السجن ومواقف أخرى جرى تسجيلها عليها بعيداً عن رزمة الادعاءات المصرية الكبيرة التي لم يثبت بعضها واسرائيل تحاصر حماس لأسباب معلومة، والسلطة التي دعت حماس باستجداء في الماضي للمصالحة حين كانت حماس قوية بتحالفها مع نظام الاخوان في مصر ومع قوى عربية (قطر) ومع ايران وحتى مع سوريا بوجودها على الأرض السورية..كل ذلك تراجع ومع ذلك ما زالت السلطة الفلسطينية تمد يد المصالحة الى حماس في هذه اللحظات التي على قيادة حماس ان ترى في ذلك خشبة نجاة أو قشة انقاذ فإن حماس لم تفعل دون معرفة لماذا؟ وعلى ماذا تراهن فالذريعة أن عباس يفاوض اسرائيل ذريعة لم تعد مجدية لدى الرأي العام الفلسطيني اذ أن السلطة كانت توقفت عن المفاوضات لثلاث سنوات من أجل كسب مواقف حماس للمصالحة وتلبية شروطها حين كانت السلطة هي الاضعف ومع ذلك لم تستجب حماس ولم تتقدم خطوات عملية باتجاه المصالحة أو انجازها فقد ظل رهانها على تحسين علاقاتها مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة لتكون في موقع مواز للسلطة ثم بديلاً لها حين كان الرهان قائماً في زمن حكم الاخوان المسلمين في مصر..
حماس فقدت تحالفها مع ايران لخسارتها موقعها السوري ولتحالفها تركيا واخوان مصر كما خسرت تحالفها مع حزب الله وبدت معزولة الآن تماماً فهل تدرك قيادتها في غزة والتي لا تملك أفقاً سياسياً يمكنها من المناورة ضرورة اعادة انتاج موقف جديد قد يبقى عليها..بدل الصمت أو العناد أو التصعيد الذي قد يؤدي إلى تصفيتها في غزة ان بعوامل داخلية حيث الشارع الفلسطيني بدأ يفرز رفضاً لحكمها معبراً عن ذلك بحركة (تمرد غزة) أو حتى بغزو مصري قد يقع اذا ما نضجت الظروف لصالح الحكم المصري الجديد الذي يرى في حماس خطراً عليه باعتبارها امتدادا للاخوان المصريين وكونها الخميرة التي يمكن أن يعاد زجها في العجين المصري مرة أخرى!
هذه لحظة تاريخية يمكن أن يكون صدر محمود عباس هو الأكثر حنواً ودفئاً عليها وتقديم التنازلات له لا يعيب اذا ما قورن بتقديم تنازلات لاطراف أخرى تشكل التحدي الأبرز ضد حماس الآن وهي اسرائيل ومصر ..لقد فقدت حماس حلفاءها في ايران وسوريا وحزب الله وحتى الأردن وبلاد عربية أخرى انقلبت شوارعها على الاسلاميين الذين جلبوا المزيد من التعقيدات ورتبوا على بلدانهم المزيد من الكلف في تونس وليبيا وغيرها..
الرهان على التنظيم الدولي قد لا يجدي حماس كثيراً واعتقد أنه حان الوقت للقاء شخصيتين وطنيتين فلسطينيتين قادرتين على اختصار المسافة وفك القبضة الدولية الاقليمية عن خطواتها وهما الرئيس عباس والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس ليعملان معاً من اجل المصالحة أولاً واعادة انتاج حاضنة حامية لحماس كتنظيم وطني وليس كسلطة باعادة ادخاله في الجسم الرسمي الفلسطيني عبر انتخابات سريعة رئاسية وتشريعية هي في الأصل جزء من المصالحة لتفعلها حماس رأساً كأول خطوة واذا كانت قيادتها محدودة الافق في غزة تعطل فإن على كوادر حماس الوطنية الواعية قبل ذلك وبناء تحالفات داخل غزة جديدة ومن خلال السلطة الفلسطينية لتخفيف ضغوط مصر وقطع ذرائع اسرائيل في عدم قبول عملية سلام حقيقية ما زالت تتذرع فيها بالانقسام الفلسطيني ..
الدنيا تغيرت الان وبسرعة فلماذا لا تدرك حماس ذلك وتبقى على نفس المعزوفة ألا تلاحظ حماس تبدل الموقف الايراني في زمن روحاني واقترابه من الولايات المتحدة وما يجري من غزل وتبدل الموقف الغربي من سوريا واعادة تأهيل نظامها في جنيف (2) القادم وأيضاً بداية حسم النظام المصري صراعه مع اخوان مصر لصالحه كما يظهر..والموقف الخليجي الذي بدأ يشير إلى حماس بنفس الاصابع التي يشير بها إلى الاخوان المسلمين واستعداد أطراف عربية واقليمية للوقوف في وجه حماس كناقل لنهج الاخوان وليس كتنظيم وطني فلسطيني مقاوم..
العودة إلى الصف الفلسطيني عبر المصالحة وبسرعة وبمساعدة الرئيس عباس الذي هو الأقرب إلى حماس من بين قادة فتح كقرب خالد مشعل من فتح خلاف قادة حماس..هذه القفزة ان فعلتها عناصر حماس الوطنية بأي وسيلة ستكون خشبة النجاة لحماس وانتصار للقضية الفلسطينية واعادة العمل على فك الحصار عن غزة..
هذا ربع الساعة الأخير..فهل تصحو حماس قبل أن تدخل إلى مغارة الضبع مأخوذة برائحته رغم أن هناك من يحاول منعها من ذلك من خلال مواقف وطنية فلسطينية مخلصة..
alhattabsultan@gmail.com

شاهد أيضاً

حدود استفادة الموظف العام من التحديث السياسي* د. ليث كمال نصراوين

عروبة الإخباري – جاء نطاق التحديث السياسي الذي اقترحته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وجرى …

اترك تعليقاً