(1)
قد تصل مقالتي هذه إلى القراء وقد انطلقت على سورية الحبيبة آلاف الصواريخ من كل مكان لتدمير سورية الحبيبة حتى لا تقوم لها قائمة كما هو حال العراق المحتل من قبل إيران وجحافل الطائفية الحاقدة. يدور في الأوساط المهتمة بالشأن السوري العديد من الحوارات يقول البعض إن الضربة العسكرية لسورية من قبل الدول التي ستتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية فات زمنها ولم تعد مجدية، لأن النظام السوري اتخذ كامل الاحتياطات لحماية أسلحته الفتاكة بتخزينها في أماكن لا يجوز ضربها مثل المدارس والجامعات والمراكز الطبية بجميع أنواعها ودور العبادة والعجزة وإلى جوار السفارات الأجنبية فإن ضربت تلك الأماكن من قبل التحالف الذي يتشكل لتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام ومؤسساته فإن ذلك سيسبب حرجا لدول التحالف أمام الرأي العام العالمي وتصبح دول التحالف مدانة. يقول البعض إن القيادة السورية قد اتخذت كل احتياطاتها الأمنية فأخلت كل مراكز القيادة والسيطرة وحتى منازل القادة قد تم إخلاؤها وانتقلوا إلى منازل بأسرهم وسط الأحياء السكنية حتى لا تطالهم الغارات الصاروخية والسبب في ذلك أن النظام أُعطي فرصة لاتخاذ كامل احتياطاته الأمنية.
يقول البعض إن الضربة العسكرية التي لا تؤدي إلى سقوط النظام وسيطرة القوى المعارضة فإنها ستكون ضربة عبثية تضر الشعب السوري ولا تنفعه. رأي آخر يقول روسيا نبهت إلى أن الضربة العسكرية لسورية قد تصيب المفاعل النووي السلمي في دمشق الأمر الذي قد يلحق أضرارا بيئية وإنسانية بالغة الخطورة ويتوقع أهل النوايا الخبيثة أن يقدم نظام بشار الأسد أو الحامية العسكرية الروسية بتدمير ذلك المفاعل فتعم الكارثة بمعنى آخر، فليكن عليّ وعلى أعدائي.
الكل يتحدث أن حل الأزمة السورية لا يمكن حلها إلا بالحوار السياسي والجلوس على طاولة المفاوضات وفي تقدير الكاتب أن النظام السياسي في دمشق فوت الفرصة علية ولم يسمع إلا صوته وأصر على الحلول الأمنية فدمرت البلاد تدميرا يشبه تدمير الزلازل ولم يعد التفويض السلمي مجديا.
لقد رفض بشار الأسد وحلفاؤه تطبيق السابقة اليمنية، ورفض سابقة حسني مبارك، أو زين العابدين وأصر على نهج معمر القذافي الذي قطع إربا إربا وهو حي بيد الشعب الليبي العزيز.
بقي عندي أمل واحد في إنقاذ سورية الحبيبة من الهلاك القادم وهو لا شك قادما اليوم أو غدا بأن تتنحى القيادة السورية الأمنية وبشار وتسليم القيادة لما تبقى إلى بعض وجهاء وحكماء وثوار سورية وهذا هو الحل السلمي الوحيد.
( 2 )
في الشأن الفلسطيني منذ 1993 والمفاوضات بين حركة فتح وإسرائيل لم تتوقف إلا للمناورات السياسية، وبالأمس بدأت جولة جديدة من التفاوض، وعلى أثرها ظهر علينا الدكتور صائب عريقات في التلفزيون الأردني زعيم المفاوضين الفلسطينيين وأمطرنا بثقافة وفن التفاوض والحق أنه رجل مفاوض من الدرجة العالية لكنه وفريقه ومنظمة التحرير وفتح المتصدرة لعملية التفاوض والسلطة الفلسطينية لم يحققوا أي تقدم في المفاوضات، الاستيطان يتوسع والقدس الشرقية ضمت إلى الكيان الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين ونفيهم عن فلسطين بعيدا واعتقالات على قدم وساق والجدار العازل يتمدد وأشجار الزيتون تقلع من حقولها ولم تتوقف عملية التفاوض وكأن شيئا لم يكن.
يقول الدكتور صائب عريقات إننا حققنا إنجازا كبيرا في انضمامنا إلى منظمة الأمم المتحدة كدولة عضو مراقب وراح يمطرنا بمزايا ما فعلوا وما قاله أحد الساسة الأمريكان للسيد عباس ما معناه أنكم فعلتم أكثر من إعلان حرب على إسرائيل بانضمامكم إلى المنظمة الدولية.
يقول عريقات إن الاتحاد الأوروبي أبلغهم بأنه اتخذ إجراءات ضد إنتاج المستوطنات والتعاون مع إسرائيل في كل المجالات بما في ذلك التعليم، وأظنه غاب عن ذاكرة الدكتور صائب عريقات أن اتحاد الجامعات في بريطانيا ودول أخرى أوروبية قد اتخذت هذا القرار من قبل أكثر من سنتين، وأن إنتاج المستوطنات قد تمت مقاطعته قبل جولة التفاوض الحالية والتي مدتها تسعة أشهر كما قال، لكنه لم يقل لنا إن السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير أو حركة فتح المفاوضة أنهم أصدروا قرارا سلطويا بتحريم ومنع عمل الفلسطينيين في بناء المستوطنات الإسرائيلية وكذلك المزارع. يقول الدكتور عريقات إنهم استطاعوا عن طريق التفاوض إدخال 50 ألف فلسطيني إلى فلسطين وهذا لم يتم من قبل، والسؤال هل عادوا إلى الأرض المحتلة منذ عام 1948 أم عدوا إلى غزة المزدحمة أصلا بالسكان.
أهمس في أذن الأستاذ صائب عريقات أن ثوار فيتنام كانوا يتفاوضون في باريس والمعارك دائرة على الأرض الفيتنامية وانتصر الثوار، ومن قبلهم الثوار الجزائريون كانوا يتفاوضون في جنيف مع قوى الاحتلال الفرنسي والثورة قائمة وانتصر الثوار ورحل الاحتلال الفرنسي عن الجزائر، بريطانيا كانت تتفاوض مع ثوار جنوب الجزيرة العربية في منتصف الستينيات من القرن الماضي والثورة قائمة وانتصرت الثورة في اليمن الجنوبي ورحلت بريطانيا، أما أنتم في فلسطين فإن دبلوماسية التفاوض حتى الموت ولا بديل عن التفاوض فإن ذلك لن يرد لكم حبة زيتون أو برتقالة من حيفا أو من الضفة بل في النهاية ستكونون مجندين لخدمة أمن إسرائيل لأنكم لن تجدوا من ينفق ويدفع مرتبات شهرية على فريق التفاوض وحراسهم وحراس قادة السلطة فهل أنتم تعقلون؟!
آخر القول: لا يُسترد الحق من الغاصبين إلا عن طريق القوة ولا غيرها.