حقائق كثيرة عما جرى في سوريا في الأشهر الأربعة الأخيرة وحتى 21 آب 2013، خاصة فيما يتعلق باستخدام السلاح الكيمياوي في الحرب الدائرة هناك، صارت تصعد للسطح ولا تترك مجالا للتنصل مما يحدث فيها من جرائم.
وهي حقائق صارت بمتناول الجميع. الصحف الغربية لاتترك تفصيلا لا تقف عنده، وخاصة، الآن، بعد أن صار واضحا أن الكونغرس يؤيد سياسة أوباما في التدخل لمنع استخدام هذا السلاح ومعاقبة مستخدميه، فصار النقاش وتبادل المعلومات، يدور حول أدق التفاصيل.
لا ننسى، هنا، تأثير موقف مجلس العموم البريطاني الأخير وخاصة فيما قيل عن قيام شركات بريطانية متعددة بتزويد نظام الأسد بمواد وصناعات تسهل صناعة تلك الأسلحة ووسائل نقلها واستعمالها؛ كما لا يغيب عن الذهن موقف فرنسا وحلف الأطلسي المتفقين مع موقف الداعين في الولايات المتحدة للتصدي لهذا الاتجاه في الخروج على القانون الدولي الإنساني، بشكل خاص.
نحن هنا، في هذه المنطقة من العالم، في غالبيتنا الساحقة، صرنا، أيضا، نرى ضرورة التدخل لوقف هذا الخروج، وقد أزال دم أطفال سوريا عن اللوحة كل ما كان يغطي بعض حروفها البارزة. فلم يعد القائد قائدا، ولا البطل بطلا، ولا نظام الممانعة نظام ممانعة. صارت الأشياء تتكلم بلسان عربي فصيح لا عوج فيه.
صار الجميع يعرفون أن الوحدة العلوية 450، من جيش بشار الأسد، المكلفة بحفظ ذلك السلاح واستخدامه، هي وحدة علوية بالكامل، قد استخدمت سلاحها ذاك، ضد المقاتلين والمدنيين السوريين 12 مرة منذ نيسان الماضي؛ وأنها كانت، في كل مرة، تستخدم فيها ترسانتها تلك، تتبعها بهجوم جوي عنيف بالصواريخ والمدفعية على ذات الموقع لدفن التفاصيل وتصعيب الوصول للحقائق والمتسببين فيها.
هذه الأمور نجح نظام الأسد في التغطية عليها فيما يتعلق بنا نحن العرب المراقبين، فقط، المخترقة صفوفنا ببلطجية الأسد ونظامه. لقد فوجئنا بأن ممثلي الاستخبارات الغربية كانوا يعرفون؛ وكانوا قد حذروا الوحدة 450 المنتهية بالأسد نفسه، عدة مرات، من قبل؛ وأن استخدام السلاح الكيمياوي ضد المواطنين سينتهي بموقف دولي من هذه القيادة.
ومما ذكر، من حقائق، في دوائر الكونغرس، أن السلاح الكيماوي لا يستطيع أحد تملكه أو استعماله سوى فرق عسكرية متخصصة، وأن مقاتلي المعارضة السورية لا يستطيعون ذلك لاعلميا ولا فنيا.
تجمع على ذلك عشرات وكالات الاستخبارات الأجنبية من كل دول الغرب. ومن الجدير ملاحظته أن صوت إسرائيل في هذا التجمع الدولي الكبير كان، دائما، الأكثر خفوتا.
ذلك نفهمه ونتوقعه، هنا، فما يجري في سوريا لا يعدو أن يكون حربها هي بأيد علوية تقوم بالمهمة، إياها، لتخرج سوريا من التاريخ والجغرافيا والسياسة، كما فعلت في العراق من قبل، وكما تحاول أن تفعل مع مصر، هذه الأيام.
ننظر حولنا وكلنا أمل في أن تخرج سوريا من هذه الورطة وبأقصى السرعة. نتمنى أن يكون موقف مجلس الجامعة العربية الأخير قد صمم لإنجاح هذا الجهد، سواء كان بانعقاد مؤتمر جنيف 2 وإنجاح شروطه؛ أو بالعمل على تدمير طموحات حكومة الطوائف في سوريانا هذه التي لا مناص من عودتها إلى مكانها ودورها وقدراتها التاريخية، مهما غلا الثمن أو طال الجهد.
فالح الطويل/نحن وسوريا
29
المقالة السابقة