يطالب البعض بان تستعيد الدولة ملكيتها للاصول التي تم بيعها في اطار برنامج التخاصية، حتى تتمكن من اعادة سيطرتها على مواردها، ويكون لها دخل من تلك الموجودات الاقتصادية.
حجج فريق ما يسمى بالخصخصة المعاكسة تستند الى ان الدولة لم يعد لها ادوات استثمارية تنمي دخولها سوى التحصيلات الضريبية والرسوم الجمركية والتي جميعها يتاثر ادائها بالحالة العامة للاقتصاد.
البعض ينطلق من معتقدات ايدلوجية بحتة، تنادي بعدم السماح للدول ببيع اية اصول للقطاع الخاص من زاوية ان الحكومة هي صاحبة حق التصرف وادارة النشاط الاقتصادي للدولة، ولا يمكن لاي جهة مشاركتها هذا الامر.
فريق اخر يفند الادعاءات السابقة ويقول ان الاقتصاد الاردني هو اقتصاد حر راسمالي بحكم الدستور والقوانين المعمول بها، ولا يعني سيطرة الدولة على النشاط الانتاجي والاقتصادي في فترة من الفترات بان هذه هي القاعدة الصحيحة للاقتصاد الوطني، فتلك حالة استثنائية مر بها الاقتصاد لفترة سرعان ما ظهرت عوامل ومستجدات تدفع للخروج من هذا الاطار.
اخرون يرون ان الحكومة لا تمتلك اية مقومات مالية لاستعادة الاصول التي تم خصختها، وان شرائها باسعار اليوم يعني انها ستدفع عشرات اضاعف ما بيعت به، وهو امر لا يمكن لاي جهة رسمية ان تتحمل تبعاته المالية.
هناك من يتساءل لماذا تريد الدولة استعادة الاصول التي تم خصخصتها، الا تشكل عوائد الضرائب المفروضة على الشركات المخصخصة اضاعف ما كانت تتقاضاه الخزينة حين كانت الحكومة تمتلك معظم اسهم الشركات ؟، هل باستطاعة احد ان ينكر ان الخدمات والانتاجية تطورت كثيرا عما كانت قبل الخصخصة ؟.
جيد ان يكون هناك مساهمات رسمية في الشركات الاقتصادية المختلفة، لكن بنسب معينة وليس بملكيات كاملة كما كان سابقا، فمن حق الدولة وحكوماتها ان يكون لها دخل اقتصادي من جراء مساهماتها الاستثمارية، اما ان تسيطر على كامل ملكية وادارة الشركات، فان النتيجة باتت معروفة للجميع، فلايوجد كوادر رسمية مؤهلة لادارة القطاعات الاقتصادية وفق منظور استثماري بحت.
القطاع الخاص هو المحرك الاساسي للتنمية، ولا يمكن للحكومة ان تحل محله في هذا الامر، لكن المسالة بحاجة الى تفاهمات رئيسية حول الادوار المطلوبة من كل قطاع في الاقتصاد، فالانتاجية والاستثمار والادارة مناطة برجال الاعمال والشركات، والاشراف والتنظيم وازالة التشوهات الاقتصادية مناطة بالحكومة.
صحيح ان هناك بعض الاشكاليات التي حدثت في برنامج التخاصية في المملكة خلال السنوات الماضية، لكن هذا لا يمنع من التاكيد ان ادارة الاقتصاد والعملية الانتاجية هي للقطاع الخاص وليس للحكومة، ولا يعني فشل بعض مشاريع التخاصية ان تستعيد الدولة لملكيات كانت قد باعتها في اطار التخاصية، المطلوب علاج الاختلالات التي حدثت في الادارة للمشاريع التي تم خصخصتها وليس الغائها كما يطالب البعض.
Salamah.darawi@gmail.com
سلامة الدرعاوي/الخصخصة المعاكسة.. سلبيات وإيجابيات
18
المقالة السابقة