القراءة الأولية لكيفية التعامل مع الحالة السورية يشير إلى تراجع المجتمع الدولي وعلى رأسه القوى الفاعلة والمقررة لأي عمل عسكري وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية حيث وضعت هذه الدولة خياراتها الديموقراطية أو طرح مواقفها من سوريا أمام برلماناتها ومجالسها وارتضت النتائج التي أشارت في معظمها إلى عدم تأكيد ضرب سوريا ليس لأن هذه الشعوب والبرلمانات والمجالس والهيئات تقف مع النظام القاتل لشعبه والمستعمل كل أنواع الأسلحة وانما لأن هذه الدول لا تريد الضرر بمصالحها في حال اعادة تورطها في قضايا الشرق الوسط بعد تجربتي أفغانستان والعراق وبعد التحولات التي أصابت الشوارع الغربية الأميركية والأوروبية من تغيير وفقدان مصداقية لأنظمتها اذ كذبت القيادة البريطانية زمن رئيس الوزراء الأسبق بلير على الشعب البريطاني واعتمد أسلوب اخفاء الحقائق وتقديم غيرها حين اتهم العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل ويورانيوم جاء به من النيجر وهو الكذب الذي ظل يتراكم منذ اتخذت الدول الكبرى قرارها خارج مجلس الأمن وشكلت ائتلافاً واسعاً بقيادة الولايات المتحدة انخرطت فيه دول أساسية وأخرى ثانوية لخدمة مصالحها..كما كذّب الجمهوريون الذين كان يقودهم في الولايات المتحدة فريق المحافظين الجدد برئاسة الرئيس بوش الإبن وقد دفع هؤلاء الثمن الذي مكن أوباما والديموقراطيين من الصعود ولذا من غير المنطق أن يكرر أوباما نفس الدرس دون اخراج جديد يحفظ عدم محاسبته وحزبه الديموقراطي ولذا تحدث عن ضربة تأديبية تؤدب الأسد ولا تسقطه وعن ضربة محدودة لأسلحة معينة وعن وقت قصير للضربة يوما أو أكثر قليلاً وعن زمن لم يحدد لهذه الضربة حين قال بعد يوم أو اسبوع أو شهر وكأنه يعطي لنظام السد فرصة لترتيب أوضاعه وتجنب الآثار القوية لهذه الضربة..
يبدو أن كذب الأنظمة الغربية واستعمالها للديموقراطية أغطية لانفاذ مصالحها قد تكشف في موضوع العراق ولذا بدأت هذه الأنظمة الآن وامام الحالة السورية والتي هي أكثر الحاحاً وخطورة في الاختباء وراء الصيغ والمؤسسات الديموقراطية وضرورة الانصياع لها والأخذ بما تراه ولذا رأينا اعتذارات متكررة وتراجعات من جانب رئيس الوزراء البريطاني كاميرون والرئيس الأميركي أوباما وحتى الفرنسيين الذين كانوا الأكثر حماسة بلعوا الموس وسكتوا وبدأت دول عديدة تتذرع بأنها لن تبدأ ولن تكون الضربة منها وستظل جزء من الايقاع الدولي وهذا الأمر عكسته تركيا التي لم نعد نسمع طبولها التي بدأت تقرعها منذ بداية الأزمة.
الموقف الأردني عبر عنه رئيس الوزراء الذي أكد أن الأردن لم يتدخل في الشأن السوري أبداً والاردن يحترم القانون الدولي والحدود ولن يكون ممراً ولا مستقراً لا براً ولا جواً في الهجوم على سوريا وهذا ما نؤكده للشعب السوري وأن ما قد يحدث في الساعات والأيام القادمة ليس للأردن أي شراكة فيه من أي نوع كان»..
رئيس الوزراء يعلم أن سوريا الان ليست واحدة فما يغضب النظام يرضي المعارضة وما يرضي المعارضة يغضب النظام والحفاظ بالنأي بالنفس مسألة مهمة للاردن دون ابداء الذرائع أو زيادة الجرعة بهذا الاتجاه أو بهذا فالنظام السوري لا يفتح اذنه امام التطمينات الأردنية وانما يفتح أذنه ووسائل اعلامه وتحريضه باتجاه آخر فهو يريد الأردن في خندقه وليس مع التحالف الدولي أو حتى المجموعة العربية خاصة حين ينتقد الأردن النظام السوري عما يجري ويحمله مسؤولية ما يجري من اعراض أصابت الأردن وسببت له معاناة اجتماعية واقتصادية وأمنية وهي مسائل لا تحتمل غض البصر عنها فالأردن أكثر المتضررين مما يجري في سوريا وهو ما يتحمل المسؤولية عنه أو فيه النظام السوري وكلام الطمأنينة للنظام لا ينفع ويزيد من غطرسته.
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/هل تراجع المجتمع الدولي عن ضرب الأسد؟
21
المقالة السابقة