سلطان الحطاب/في سوريا.. الأردن جزء من الإيقاع الدولي

لن يقف الأردن فاغر الفم أو مكتوف اليدين بعد الإشارات الواضحة والمرعبة التي وقعت في سوريا وكشفت عن استعمال أسلحة دمار شامل باستعمال الغازات السامة التي هي جزء من السلاح الكيماوي المحرم دولياً..
الأردن كان حذرا منذ البداية من تداعيات العنف في سوريا ومنذ احداث درعا التي ضرب فيها الأطفال ومرغت كرامة آبائهم على يد المحافظ وقد كان ذلك الحدث قبل أكثر من ثلاثين شهراً الشرارة التي اشعلت القش السوري الهش من غياب الديموقراطية والمشاركة وقد أخذت تجليات ربيع سوريا العربي أشكالاً مختلفة بداية من الاحتجاجات السلمية التي استمرت أكثر من ستة أشهر حصدها النظام بالقصف والقمع والقتل والمطاردة وكانت ردة الفعل أن تسلحت المعارضة وتباينت فصائلها وقد دخل عليها مجموعات من التكفيرين الذين جاءوا من بقاع مختلفة من العالم وهم لا يهددون واقع سوريا ومستقبلها فقط بل المنطقة كلها وهو ما يستدعي الانتباه والحذر والعمل مع المجتمع الدولي لمراقبة ذلك ومنع تفاقمه أو حصد ثمار مرة منه.
النظام السوري الذي يمتلك مخزوناً كبيراً من الأسلحة الكيماوية ظل التحذير له قائماً من امكانية عدم قدرته على حماية هذه الاسلحة بوقوعها في يد قوى متطرفة موجودة على الأرض السورية قد تستعملها أو باحتلال مواقعها وتسربها أو حتى باستعمال الجيش السوري لها في حالات يشعر فيها بخطر اقتراب المعارضة من مواقع النظام الحساسة كما حصل في الغوطة الشرقية والغربية حسب المصادر الغربية..
الأردن حذر النظام السوري مراراً وكان مع بداية الأحداث قد ارسل مندوبين وبصّر النظام من مخاطر استمرار القمع واستعمال العنف ضد شعبه ثم عمل الأردن عبر المبعوثين العرب والدوليين واستقبل الاخضر الابراهيمي المبعوث العربي والأممي وأدار حملة واسعة من الاتصالات العربية والدولية وسجل تصريحاته حاضر للمطالعة وهو اليوم وبعد التفجيرات الكيماوية في أطراف دمشق أكثر حذراً واستعداداً للدفاع عن ارضه وشعبه وعن مضاعفات قادمة قد تحدث خاصة وأن على الأرض الأردنية أكثر من مليون سوري منهم حوالي (140) ألفاً في مخيم الزعتري القريب من الحدود والذي يمكن أن تطاله الأسلحة وخاصة الكيماوي وهو ما يرتب على الأردن مسؤوليات كبيرة..
التحذيرات الأردنية من الأسلحة الكيماوية وغير التقليدية السورية كانت مستمرة منذ أكثر من ستة اشهر وقد ازدادت هذه التحذيرات وما كان يخشاه الأردن وقع وفي سبيل الدفاع عن نفسه فقد استقبل الأردن وفود وقادة عسكريين أوروبيين وأميركيين كما انعقدت عنده لقاءات عديدة وجرت عنده ومعه مناورات جماعية متعددة وبقيت على ارضه للزوم ذلك مجموعات عسكرية وأمنية خبيرة بالأسلحة غير التقليدية مهمتها الرقابة والمعاينة والاستطلاع كما طالب أن يكون لديه أسلحة نوعية لها علاقة بالوقاية من السلاح الكيماوي اضافة إلى مطالبته بطائرات اضافية من إف 16 وصواريخ باتريوث وأجهزة كشف ومراقبة وتخطيط حديثة وقد توفر له منها وما زال ينتظر وصول أخرى.
قبل أيام كانت غرف العمليات في أكثر من موقع في المملكة تدير ورشاً تدريبية وتخطيطية ولأن الحدود الأردنية هي الأقرب إلى العاصمة دمشق والأردن هو الأكثر تضرراً من الأزمة السورية على مختلف الأصعدة وهو الذي يواجه تدفقات أكبر ومنتظرة من اللاجئين السوريين فإنه سوف يستمر في التعامل والتنسيق مع جهات دولية عديدة وفي هذا السياق كان استقباله بداية الأسبوع اجتماعات تستمر لتشهد مشاركة الجنرال ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية وكذلك رؤساء هيئات الأركان في السعودية وقطر وتركيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا وكندا وهذه الدول مع الأردن يهمها أمن المنطقة الذي يغرقه النظام السوري في الأزمة والفوضى مع استمرار استعمال الأسلحة ضد الشعب السوري.
النظام السوري سبب وما زال يسبب استقطاب قوى معادية وطامعة ومخلة بالأمن الاقليمي سواء من تدخلات حزب الله أو وصول مجموعات عسكرية وأمنية ايرانية أو مجموعات ارهابية ومتطرفة دخلت بحجة مقاومة النظام وكل هذه المعطيات وما يترتب عليها تستلزم يقظة أردنية وتنسيق أردني دولي يحافظ فيه الأردن على أمنه وفي نفس الوقت على توازن خطاه اذ لا يأخذ الأردن على مسؤوليته القيام بالتدخل في سوريا أو مهاجمتها بل هو جزء من الايقاع الدولي..
الأردن لا يعمل ضد سوريا من تحت الطاولة وهو واضح ظل يهمه دائماً أمن سوريا وظل يكافح المجموعات المتطرفة التي تحاول العبور إلى الأرض السورية او تخرج منها ولكن الاشارات الأردنية كلها لم تكن مقروءة من جانب النظام السوري الذي ظل يصعد حملاته ضد الموقف الأردني الذي تتفهمه الجامعة العربية والمجتمع الدولي فقد رفض الأردن الدعوات الى تدخله في الشأن السوري كما رفض الضغوط القوية منذ أكثرمن سنة وقاومها حتى لا يتدخل وظل يحافظ على حالة من التوازن تخدم مصالحه الوطنية ولكنه لن يستمر في الوقوف متفرجاً على المزيد من الكوارث.
الايام القادمة صعبة وتحتمل اكثر من سيناريو وقد تشهد اشكالاً من الحسم لوضع حد للتداعيات القائمة ومنع تفاقمها والأردن سيكون في الصورة بل فاعل فيها للحفاظ على أمنه والوقت لن يطول.
alhattabsultan@gmail.com

شاهد أيضاً

أميركا والفلسطينيون وأزمة مستعصية (٢– ٢)* د. سنية الحسيني

عروبة الإخباري – رغم أنها تصنف الحليف من خارج حلف الناتو، إلا أن أي من …

اترك تعليقاً