هناك مطالبات بزيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية , وهو مطلب محق , لكنه لا يجب أن يتم الا بعد تصويب الاختلالات التي تعتري الية صرف المعونة والتي تذهب في جزء كبير منها الى من لا يستحق .
ومن لا يستحق هنا ليس هو غير المحتاج إنما هو الفقير القادر على العمل لكنه لا يعمل لأن هناك من يتكفل بنفقاته.
صحيح أن هناك شرائح غير قادرة على العمل , لكن ذلك لا يعني زيادة مساحة التبطل بدعوى مساندة الفقراء والمعوزين , وبالامكان حل المشكلة عبر تقاعدات خاصة بالعجز فيما يذهب القادرون للاستفادة من برامج الإقراض أو الى مراكز التدريب والتأهيل للتعلم .
زيادة مخصصات المعونة ما هي الا تكريس لدعم البطالة , لا نقول هنا أن على الحكومة أن توقف فجأة هذا الدعم وتلغي صندوق المعونة , لكن عليها أن تبدأ وبشكل تدريجي للتخفيف من الاعتماد على أسلوب المعونة بتقوية البدائل , والحلول الممكنة .
ملاحظة مهمة وردت في تقرير توجهات الانفاق العام أو ما يعرف بمشروع الإصلاح المالي الثاني وهي أنه بالرغم من التفاوت الكبير في التقديرات الا ان عددا كبيرا من متلقي المعونات الوطنية ليسوا من فئة المستضعفين وينبغي الا يتلقوا هذه المنافع وان حوالي 30% من المستفيدين من خدمات صندوق الزكاة هم من فئات الدخل المتوسط الى الدخل المرتفع .
ويذهب التقرير الى أن الية الحوالات النقدية المشروطة وهي الية تفرض على المستفيدين استيفاء متطلبات معينة لتلقي المساعدات أظهرت نجاحها في مساعدة الاسر وخاصة اطفال الاسر الفقيرة على تحسين مستقبلها واستقلاليتها كما اظهرت هذه الالية على ارض الواقع بانها طريقة منتجة جدا في مساعدة الفقراء في اماكن متنوعة في العالم كما في دولة المكسيك ونيويورك الامر الذي يحتاج الى برامج تجريبية كهذه ولعل اول الشروط التي ينبغي فرضها على المؤهلين للحصول على المساعدات هو تعهد الاسر الفقيرة بالحاق اطفالها في مرحلة التعليم ما قبل المدرسي ورياض الاطفال .
في ظل تشتت اليات الدعم وقصورها عن معالجة المشكلات الحقيقية فإن هذه الاشكال لا تبدو مجدية حتى الآن لكن الأسوأ هي أنها تساوي بين الاغنياء والفقراء على حد سواء في الفوائد .
بقي أنه كلما سعت الحكومة الى إحداث تغيير جذري في اليات الدعم سواء عبر صندوق المعونة أو غيره من الاليات ووجهت بهجوم يذهب الى إنتقاد إجراءات يتخذها الوزير المعني , ما يعزز الإعتقاد بأن المتضررين من التصحيح لا زالوا يشكلون قوى ضغط كبيرة حتى لو كانت تختبئ وراء طابور من الفقراء .