عروبة الإخباري – عندما تنظر إلى الأطفال وهم في قاعة التلفزيون، يتسامرون ويضحكون ويلعبون، تشعر أن كل شيء حولهم على ما يرام، وأن أطفالا هربوا من شبح الموت بالأمس هم اليوم في أحسن حال.
هذا ما يشعر به الزائر إلى المخيم الإماراتي- الاردني في منطقة «مريجيب الفهود»، وهو يراقب أطفالا لاجئين مع عائلاتهم من أعمار مختلفة وثقافات مختلفة، لكن بحلم واحد العودة إلى الوطن في سلام.
ولقد حددت دولة الإمارات العربية المتحدة معايير عالية المستوى خلال إنشائها المخيم، حتى دفعت العديد من الصحف العالمية إلى وصف المخيم الإماراتي بأنه «مخيم 5 نجوم». وهو ما يعبر عن مستوى البيئة الانسانية التي أحيط بها اللاجئ السوري في هذا المخيم.
ولأنه أقيم وفق المعايير الرفيعة، يضطلع المخيم الاماراتي – الاردني بالدور النفسي لقاطنيه، فقد اهتم القائمون عليه بإقامة الفعاليات الاحتفالية التي تحاول أن تغسل ما علق في قلوب الاطفال من تعب وخوف، في كل مناسبة مواتية، وفق برامج نفسية، تهدف إلى منح الفرحة في قلوب وعيون الاطفال وذويهم. وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة معايير انسانية عالية المستوى، ووفرت للاجئ كل ما يلزمه من احتياجات، بحيث لم يتبق له سوى انتظار العودة إلى وطنه، بعد أن كان قبل دخوله المخيم خائفا ومطاردا، لا يأمن على حياته ولا يعرف ما إذا كان يستطيع تأمين لقمة طعامه أم لا. والاصعب من كل ذلك، خوفه الدائم على مصير صغاره.
دور محوري
كما يعد ترجمة حية على الارض لما تضطلع به دولة الإمارات العربية المتحدة من دور محوري في مجال العمل الإنساني على الساحة الدولية، وهو الدور الذي اكد عليه سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل حاكم أبوظبي في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر الاماراتي، حين قال بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي صادف التاسع عشر من أغسطس إن «لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، دورا محوريا في مجال العمل الإنساني على الساحة الدولية». وانطلقت دولة الامارات العربية المتحدة من وعي إنساني معاصر من أن ما تقدمه للقضايا الإنسانية في مختلف الساحات وعبر القارات، يأتي انطلاقا من سياستها الثابتة التي تدعو للتعاون بين الدول والشعوب، من أجل تعزيز السلام العالمي، وهي السياسة التي وضعها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويواصل مسيرتها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يوجه دائما بالمبادرة لتقديم العون لكل الأشقاء والأصدقاء في أوقات المحن والشدائد، كما يقول سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل حاكم أبو ظبي في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي. وفي حال كان هذا هو الدور الذي تلعبه دولة الامارات العربية المتحدة في مناطق العالم المعوزة، فكيف هو الحال والامر يتعلق بالاشقاء.
سكينة وهدوء
ويقع المخيم في منطقة تعتبر نائية نسبيا عن مراكز تجمع السكان في مدن محافظة الزرقاء، بالقرب من مدينة الزرقاء، على بعد 35 كيلومترا عن العاصمة الاردنية عمان، وعلى بعد أيضا حوالي 37 كيلومترا من الحدود الاردنية مع سوريا، وهو ما وفر له جوا تمكن فيه القائمون على المخيم من خدمته بالطريقة الفضلى، بحسب شهادات سكانه بمختلف فئاتهم العمرية. وتبلغ الطاقة الاستيعابية نحو 25 ألف لاجئ، ودشن رسمياً في 23 مايو الماضي، وبات مدينة صناعية متكاملة تقع على مساحة 250 ألف متر مربع تصل طاقتها الاستيعابية إلى استقبال 25 ألف لاجئ على خمس مراحل، تضم الأولى 3790 لاجئاً، ويتوافر فيها 770 بيتاً جاهزاً (كرفان)، وزعت على مناطق يحمل كل منها رقماً خاصاً، يسهل على إثره الوصول إليها والتعرف إلى أصحابها.
وأول ما يلفت النظر لزائر المخيم الاماراتي الذي يحاط بحماية أمنية خدمة للاجئين السوريين هو السكينة والهدوء الذي يعيش في ظلها قاطني المخيم. كيف لا وقد أمنوا على حياتهم وأطفالهم، بينما وفرت لهم دولة الامارات العربية المتحدة بمؤسساتها الانسانية وأذرع الاغاثة في الدولة كل ما يلزم للعيش الكريم. ويقع المخيم الاماراتي.
ويحصل القاطنون داخل المخيم على ثلاث وجبات رئيسية، في حين أن جميع المواد الغذائية التي تأتي من الدولة توزع على اللاجئين خارج المخيم. كما يوجد ملاعب الاطفال وما يلزم لعيشوا بطمأنينة. هناك قاعات للتلفزيون للأطفال والنساء، وهناك مناطق تجارية ومدرسة وعيادات متخصصة ومستشفى.
ولا يبدو على أطفال المخيم أنهم بحاجة إلى الاحتياجات اليومية التي يحتاج إليها أقرانهم اللاجئين في المملكة. في الحقيقة تشعر وأنت تطوف في أنحاء المخيم أن كل شيء على ما يرام، وأن الحاجة الوحيدة التي يريدها هؤلاء هي العودة إلى مدنهم وقراهم ومنازلهم.
حملات إنسانية
واعتاد اللاجئون السوريون على تنفيذ فرق الاغاثة الاماراتية للعديد من الحملات الانسانية لأسر اللاجئين السوريين في مناطق مختلفة في المملكة الاردنية الهاشمية، وكان آخر هذه الحملات قد استفاد منها 1432 عائلة مدرجة ضمن كشوفات الإعانة، التي يقوم فريق الإغاثة الإماراتي بإمدادهم بصورة دورية، وهي عائلات غير قادرة على توفير لقمة العيش لهم ولأسرهم، وذلك بالتنسيق والتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الأردني والجمعيات الخيرية الإنسانية العاملة في نفس المجال.
طرود غذائية
وبلغت الطرود الغذائية التي صرفت 2026 طردا غذائيا جميعها أتت من دولة الإمارات، وذلك بالتنسيق مع ادارة الهلال الأحمر الإماراتي والجمعيات الخيرية في الدولة.
ويقوم فريق الإغاثة الإماراتي بتوزيعها على مستحقيها من اللاجئين السوريين ضمن خطة معدة مسبقا داخل المخيم وخارجه بكل سهولة ويسر.
امتنان شديد
وتقول اللاجئة السورية الحاجة أم سمير المقيمة في المخيم: «نشعر بالامتنان الشديد. لقد وفرت لنا دولة الامارات العربية المتحدة كل ما نحتاجه واكثر، حتى أننا لا نحتاج إلى شيء».
وتقول أم سمير إنه «بعكس أوضاع كثير من الأسر السورية اللاجئة وأحوالها، لا يخاف أفراد الاسر المقيمة في المخيم على أطفالهم، وهم في مأمن تحيط بهم حماية وطواقم كل ما يشغلهم هو راحة هؤلاء اللاجئين».
وتضيف إنها تكاد «تشعر بالخجل من الراحة والهدوء والاطمئنان الذي تشعر به في المخيم، بينما في سوريا وخارج سوريا أبناء وطن يعانون من شتى صروف العذاب».
شهادة طفل
ويقول الطفل «نمر»، الذي تحدثت إليه «البيان» بينما كان منشغلاً بألعابه الصغيرة، إنه يعيش في المخيم مع والدته وجدته، وإنه قدم من محافظة درعا.
نمر طفل لا يتجاوز عمره السبعة أعوام، تتسع عيونه الكبيرة لفهم واضح لما يجري حوله، ولم يعجز رغم أعوامه القليلة على فهم ما يجري حوله. وهو يقول بلهجته السورية الطفولية إن والده وشقيقه الاكبر لا يزالا في سوريا، بينما قدم هو إلى الاردن مع والدته.
ويعمل والد نمر طبيبا، وأبلغ طفله أنه مضطر للعودة إلى الوطن سوريا ليساعد الناس المرضى. وسألته «البيان» عما يريد أن يفعله عندما يصبح بعمر والده، فقال إنه يريد أن يصبح «عامل بناء ليعيد بناء ما هدمته الحرب في سوريا». ويبقى لسان حال لاجئي المخيم يردد: «لا نحتاج إلى شيء.. ولا نخشى من شيء.. وما نريده فقط أن يعود الوطن السوري كما عهدناه»، شاكرين ذروة الجهود الإنسانية لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي لغوث اللاجئين السوريين في الأردن.
وحدة حال
أشاد سفير دولة الامارات العربية المتحدة لدى الأردن د. عبدالله ناصر العامري، في تصريحات أخيرة له، بالعلاقات الإماراتية الأردنية واصفا إياها بأنها «وحدة حال»، تجسدها خصال وسجايا عربية أصيلة، وقد ظلت متجذرة ومتطورة ومتميزة في مختلف الشؤون وعلى كافة المستويات، برعاية قيادتي البلدين الحكيمتين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وعاهل الاردن الملك عبدالله الثاني.
وقال العامري إن «دولة الإمارات العربية المتحدة سبق وأنشأت ثلاثة مراكز استقبال للاجئين السوريين على الحدود في مناطق مهمة، وهي التي يتدفق منها اللاجئون السوريون وتم تجهيزها بكافة المتطلبات والحاجات الضرورية وبخدمات العلاج والإيواء بما فيها خدمات النقل والاسعاف، ما أسهم في التخفيف على اللاجئين السوريين ومساعدتهم». البيان
مخيمات أخرى
منذ بداية الثورة السورية، دخل المملكة حوالي 565 ألف لاجئ سوري، انتشروا في مختلف مناطق المملكة منهم 137 ألف لاجئ داخل المخيمات موزعين على المخيم الإماراتي ومخيم الزعتري، إضافة إلى لاجئين منتشرين في مناطق في مدينة الرمثا الحدودية مع سوريا، بينما يبلغ عدد السوريين المقيمين في المملكة سواء لاجئين أو الذين دخلوا البلاد بطريقة شرعية مليون و300 ألف سوري.
ويعيش اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري في وضع صعب بحكم عدة أسباب، منها العدد الكبير الذي وصل إلى نحو الـ 150 الفاً، كما أن بناء المخيم تم على عجل من أجل انقاذ العائلات السورية اللاجئة التي هربت من بلادها طلبا للامن، في حين قامت دولة الإمارات العربية المتحدة ببناء مخيم، واضعة له أسس حياة مريحة، استطاعت من خلالها النهوض بحياة اللاجئ السوري المحتاج. البيان