كانت الساعة تقترب من الثالثة فجرا حين دوت انفجارات ضخمة في زملكا وجوبر وعين ترما وعربين ومناطق أخرى في الغوطة الشرقية وغطت السماء سحابة بيضاء سامة خنقت الأطفال الذين كانوا يغطون في نوم عميق، لم تكن هذه الانفجارات سوى صواريخ محملة برؤوس كيماوية أطلقها إرهابيو بشار الأسد على مناطق سكنية يقطنها الكثير من السكان.
دقائق قليلة فقط كانت كافية لقتل أكثر من 1228 شخصا وإصابة 5000 آخرين ربعهم من الأطفال حتى كتابة هذه السطور، في مجزرة مروعة وغير مسبوقة في الغوطة الشرقية، غالبية الضحايا فيها من الأطفال والنساء تحت أعين المراقبين الدوليين الذين يبحثون عن أدلة استخدام الأسلحة الكيماوية.
نظام الأسد الإرهابي الدموي الوحشي الهمجي البربري لم يكتف بإطلاق 29 صاروخا محملة بالغازات السامة، بل أتبعها بقصف جوي وغارات مكثفة للقضاء على كل القاطنين في المنطقة، لأنه ينفذ حرب إبادة جماعية في ريف دمشق، بل وسوريا كلها، مما يدل على أن هذا النظام الإرهابي قد فقد عقله لاستشعاره الاقتراب من الهزيمة أمام ثوار سوريا الأبطال الذي يسطرون جهادا وقتالا بأحرف من نور.
هذه المجزرة الوحشية واحدة من بين أكثر من 500 مجزرة نفذها نظام الأسد الإرهابي الدموي، من بينها 25 مجزرة كبيرة قتل خلالها عشرات الآلاف تحت سمع العالم وبصره، لم يكن موتا عاديا، بل اختناق وإغماء، مات الأطفال في أحضان أمهاتهم وفي أسرتهم وفي فراشهم، ماتوا وهم في حالة نوم ولم يكونوا مقاتلين أو ثوارا أو ممن يحملون السلاح، ومات البعض الآخر في الشوارع وتحولوا إلى جثث في الطرقات، مما يضع العالم كله أمام واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية، بل وجرائم الإبادة والقتل الهمجي الذي لا يمت إلى البشر بصلة.
لقد غطت المجازر في مصر على الشأن السوري وعلى جرائم بشار الأسد وعصابته، لكن مجزرة زملكا وجوبر وعين طرما وعربين أعادت المؤشر إلى سوريا مرة ثانية لكي يتذكر العرب ويتذكر العالم أن هناك شعبا يذبح بهمجية وبموافقة الأنظمة العربية والغرب وبمشاركة كاملة من روسيا وإيران وحزب الله، لكن الصمت العربي هو القاتل الأكبر الذي يساعد الأسد بسفك الدماء، وهو صمت قتل السوريين والمصريين، بل قتل الكرامة العربية من المحيط إلى الخليج. ليس هذا فحسب، ان المجتمع الدولي كله شريك في مذبحة السوريين مشاركة فعلية، لأنه منح الإرهابي الأسد الفرصة تلو الفرصة لقتل السوريين الذين دفعوا حتى الآن ما يزيد على 150 ألف شهيد وتعاموا مع ما يحدث من جرائم ضد الإنسانية، فالرئيس الأمريكي باراك أوباما اعتبر أن استخدام الأسلحة الكيماوية “خط أحمر” لكنه لا يزال يبحث عن الأدلة رغم اعتراف الأمم المتحدة بوقوع 13 هجوم بالأسلحة الكيماوية ورغم قصف الغوطة الشرقية 6 مرات بالغازات السامة وتعرض زملكا لقصف كيماوي 3 مرات.
لقد قال أوباما ذات يوم إن استخدام الأسلحة الكيماوية “يغير قواعد اللعبة”، لكن أوباما والأمم المتحدة والعالم كله يشاهد استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية دون أن يغير ذلك شيئا، بل صرح: “إن بلاده وإن توفرت لديها معلومات عن استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، إلا أن المعلومات عن هوية مستخدم هذه الأسلحة، وكيفية استخدامها، بالإضافة لوقت استخدامها، كلها أمور لا تزال غير واضحة”. وهذا يعني أن يد الأسد ستبقى مطلقة لمزيد من المجازر والمذابح رغم وجود اللجنة الدولية لتقصي الحقائق عن استخدام الأسلحة الكيماوية التي يتواجد أفرادها على بعد 10 دقائق من مكان المجزرة.
إذا كان العالم يريد أن يكشف الحقيقة فعلى أفراد البعثة الدولية الذهاب إلى موقع المجزرة، حيث استخدمت الأسلحة الكيماوية وهم على بعد خطوات من القتلى والمصابين ورائحة الدخان السام الذي اختلط بالجثث والتراب والهواب.
مجزرة سوريا الكيماوية التي نفذها الإرهابي بشار الأسد وعصابته الإجرامية عار على البشرية كلها وعار على الأمم والعرب الغارقين في الصمت وعار على الأنظمة العربية المشغولة بتدمير مصر وثورتها، بل وتدمير المستقبل العربي كله وعليهم أن يعلموا أن الدم السوري والدم المصري المراق سيحرق عروشهم طال الزمان أو قصر.. وسيحرقهم صمتهم وتواطؤهم، لأن النار التي تأكل سوريا ومصر لن تتوقف، بل ستمتد ولن يستطيع أن يوقفها أحد.