نزل الصراع المذهبي والطائفي الذي استثمرت فيه قوى طائفية وتكفيرية ومذهبية وتلك التي تؤمن بالتقية وتلبس عباءة الاسلام من الحوارات الى الشارع ومن الشارع الى السلاح ومن السلاح الى أفتك أنواع السلاح المحرم حيث استعمال الاسلحة الكيماوية.
طالب الملك عبدالله الثاني بضرورة انتباه المجتمع الدولي الى مخزون السلاح الكيماوي السوري حتى لا يستعمل سواء بقرار من السلطة الحاكمة او خوفاً من وقوعه في يد قوى متطرفة تصل يدها اليه حين لا تقوى السلطة على حمايته أو تعجز في الدفاع عنه وهذا التحذير كان قبل حوالي عام استهجن منه الكثيرون ولم يأخذوه على محمل الجد الى أن جاء صباح الحادي والعشرين من آب وهو صباح سيحفر عميقاً في ذاكرة السوريين والشعوب العربية حين حمل خبر استعمال السلاح الكيماوي في سوريا ليسقط المئات من الأطفال والنساء والمدنيين السوريين الأبرياء في منطقة دمشق وهم الذين ظلوا يهربون من الرصاص ويتجنبونه فكيف بهم الآن يهربون من الهواء الذي يتنفسونه حين قصفوا بأسلحة كيماوية من غاز الساريس وغيره وقد ضاقت بهم الأرض وسقطوا لا يتنفسون وقد اعترتهم مظاهر الموت فقضى الكثيرون وما زال الأكثر برسم الموت..
كان رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور قبل يوم واحد قد حذر من استعمال الاسلحة الكيماوية ويبدو أنه كان يرتكز الى معلومات استخبارية أو توقعات لم تلبث أن حصلت فوراً وحذر من مغبة المضاعفات التي قد تتجاوز الشعب السوري إلى بلادنا..وهي مضاعفات صحية وأمنية واجتماعية واقتصادية وسياسية..فالملايين من السوريين سيبدأون الهروب طالما أدركوا وأحسوا أن اسلحة كيماوية بدأت تستعمل ولما كانت دمشق اقرب الى الحدود الأردنية فمن المتوقع أن تبدأ موجات من النزوح باتجاه حدودنا كما أن الاقتصاد والاجتماع سوف يتضرر لأن الصراع في سوريا سينتقل إلى مرحلة أخرى قد لا تقتصر الآن على المتصادمين من قوى النظام وجيشه ومؤيديه من جهة وقوى المعارضة والثورة في سوريا على اختلاف مجموعاتها وفصائلها من جهة أخرى فالصراع الان سيأخذ بعداً دولياً باستعمال الكيماوي سيسمح بقوى دولية عديدة متربصة بالتدخل لأكثر من سبب منها ما هو انساني ومنها ما هو أمني أو لمصالح القوى المتدخلة فالمراقبون الدوليون الذين وصلوا قبل القصف وحيث سقط الضحايا تأخروا والخشية أن يجري العبث بمسرح الجريمة وان يجري تسييس الكارثة لصالح جهة وعلى حساب جهة وضد الشعب السوري الذي اصبح يذبح بكل أنواع الأسلحة فلماذا؟ لماذا لم يكن المراقبين جاهزين في موقع الحدث؟ ولماذا تتدخل ايران بصورة فجة فوراً بالتصريحات التي تستهدف مواصلة حماية النظام السوري والدفاع عنه وماذا ستقول روسيا التي توفر ايضاً للنظام السوري حماية سياسية دولية وتفشل القرارات الدولية في معاقبته وكذلك تفعل دول أخرى وإلى متى يبقى الصمت الدولي ونفاق الدول الكبرى التي تتباكى على الديموقراطية في مصر ليس حباً في المصريين وانما لاستمرار دعم الاسلاميين (الاخوان) لتبرير حروب هذه الدول ضد الاسلام وباسم التطرف الذي هم صانعوه بممارساتهم في احتلال العراق وافغانستان ودعم اسرائيل المطلق..
الشعب السوري الآن ضحية لبطش النظام الذي لم يوفر حتى استعمال الأسلحة الكيماوية ولصمت المجتمع الدولي ونفاقه فما المطلوب؟ وكيف يمكن حماية هذا الشعب الأعزل وما موقف الامم المتحدة والمجتمع الدولي والعربي؟ ولماذا يستمر الصراع الطائفي والمذهبي في بلداننا وفي سوريا ليحصد أرواح الأبرياء الذين لا يتذكرهم أحد في حمى الشحن الطائفي البغيض الذي ينقل الصراع الى مراحل حادة ومدمرة فالصراع السياسي والحزبي يجد الساعون لوقفه مخرجاً ويحددون لحله زمناً حتى لو استمر فإنه لوقت محدود خلاف الصراعات المذهبية والدينية التي تخلد وتزمن وتطول كما عاشت أوروبا من قبل في حروبها الدينية والمذهبية والطائفية سنوات طوال قبل أن تفصل الدين عن الدولة وقبل أن تتدرب على الديموقراطية وصناديق الاقتراع واحترام الأقلية حين تحكم الأكثرية واعتبار الديموقراطية سلوكاً وتربية وغاية وليست مجرد أرقام ونسب تستخدمها الأكثرية ضد الأقلية
ما يجري فيه خراب الأمة فهل بعد استعمال الكيماوي من شيء يمكن أن يحدث؟
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/استعمال الكيماوي.. ما كنا نخشاه وقع
23
المقالة السابقة