عروبة الإخباري – وقعت مجزرة في ريف دمشق أمس قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ان ضحاياها تجاوزوا المئة، بينما زعمت المعارضة السورية ان عددهم يفوق 1300، وذلك نتيجة قصف من قوات النظام السوري استخدمت فيه اسلحة كيميائية بحسب ناشطين، الامر الذي نفته دمشق.
ودعت المعارضة السورية وجامعة الدول العربية ودول غربية لجنة التحقيق الدولية حول الاسلحة الكيميائية الموجودة في سوريا منذ اربعة ايام، الى التوجه الى مكان المجزرة للتحقيق. وقال مكتب دمشق الاعلامي في بيان انه جرى احصاء 150 جثة في حمورية ومئة في كفر بطنا و67 في سقبا و61 في دوما و76 في المعضمية و40 في عربين. فيما اعلنت المعارضة عن احصاء اكثر من 1300 جثة.
واعلن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي ان «اكثر من 650 قتيلا هي الحصيلة المؤكدة للهجوم الكيميائي الدموي في سوريا». وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته ان «اكثر من مئة شخص قتلوا في قصف جوي وصاروخي لا سابق له» مستمر منذ الفجر على مناطق عديدة في ريف دمشق، مشيرا الى ان «عدد القتلى مرشح للارتفاع».
واعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انه يشعر «بقلق شديد اثر التقارير التي تشير الى سقوط مئات القتلى وبينهم اطفال في عمليات قصف وهجوم بالاسلحة الكيميائية استهدف مناطق للمعارضين بالقرب من دمشق»، مضيفا ان حكومته «ستثير هذا الحادث امام مجلس الامن الدولي». ودعا الحكومة السورية الى «السماح فورا لفريق الامم المتحدة الذي يحقق حاليا في ادعاءات سابقة باستخدام اسلحة كيميائية بالتوجه الى منطقة» الهجوم.
وكان رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد الجربا طالب باجتماع فوري لمجلس الامن الدولي بعد «المجزرة المروعة». كما طالب الجربا والمرصد السوري لحقوق الانسان والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الخارجية السويدي كارل بيلد فريق المفتشين الدوليين بالتوجه فورا الى الغوطة الشرقية والتحقيق في ملابسات ما حصل.
وابدى العربي «استغرابه لوقوع هذه الجريمة النكراء اثناء وجود فريق المفتشين الدوليين التابع للامم المتحدة في دمشق». ولم يصدر بعد اي تعليق على ما حصل عن لجنة التحقيق التي تتخذ من احد فنادق دمشق مقرا لها منذ وصولها الى سوريا قبل اربعة ايام. ولم يعرف شيء عن انشطتها.
وقال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ان بلاده دعت الى عقد اجتماع طاريء لمجلس الامن الدولي لبحث مزاعم شن هجوم كيماوي في سوريا. وقال الامير سعود في بيان ان الوقت حان لان يتحمل مجلس الامن مسؤوليته ويتغلب على الخلافات بين أعضائه ويسترد ثقة المجتمع الدولي من خلال الانعقاد فورا لاصدار قرار واضح ورادع يضع نهاية لهذه الازمة الانسانية.
وقال رئيس الفريق الدولي للتفتيش عن الاسلحة الكيماوية أمس انه يجب التحقيق في أنباء وقوع هجوم بغاز الاعصاب في سوريا. ونقلت وكالة الانباء السويدية عن العالم السويدي أكي سيلستروم انه لم ير سوى لقطات تلفزيونية وان ضخامة عدد القتلى المذكور يثير الريبة. وقال للوكالة في اتصال تليفوني من دمشق «يبدو أن هذا شيء يجب النظر فيه.. سيتوقف الامر على أن تذهب أي دولة عضو بالامم المتحدة الى مجلس الامن وتقول اننا يجب أن ننظر في هذه الواقعة. نحن في الموقع».
ومنذ الصباح، يتحدث الناشطون المعارضون عن مئات القتلى في قصف من القوات النظامية تستخدم فيه الغازات السامة. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن انه لا يملك معلومات مؤكدة حول استخدام الاسلحة الكيميائية. الا انه ذكر ان «هناك قوة نارية ضخمة تستخدم في القصف»، وان هناك محاولات من قوات النظام لاقتحام معضمية الشام الواقعة جنوب غرب العاصمة حيث افاد عن اشتباكات بين قوات النظام والمجموعات المقاتلة المعارضة. وقد طال القصف بلدات ومدنا عدة جنوب شرق وجنوب غرب العاصمة.
ونفى الجيش السوري ان يكون استخدم اسلحة كيميائية في قصف مناطق في ريف دمشق كما تقول المعارضة، معتبرا ان هذه «الادعاءات الباطلة جملة وتفصيلا» تندرج في اطار «الحرب الاعلامية» على سوريا وتهدف الى التغطية على «هزائم العصابات المسلحة» على الارض. وقالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في بيان نشرته وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» ان ما قيل عن قصف مناطق ريف دمشق بالاسلحة الكيميائية «ادعاءات باطلة جملة وتفصيلا وعارية تماما من الصحة وتندرج في اطار الحرب الاعلامية القذرة التى تقودها بعض الدول ضد سورية».
وتحدث الاعلام الرسمي السوري من جهته عن عمليات عسكرية عادية في ريف دمشق ضد «ارهابيين». ونقلت وكالة الانباء الرسمية «سانا» عن مصدر اعلامي ان «لا صحة اطلاقا للانباء حول استخدام سلاح كيميائي فى الغوطة. وما تبثه القنوات.. الشريكة فى سفك الدم السوري ودعم الارهاب عار عن الصحة وهو محاولة لحرف لجنة التحقيق الخاصة بالسلاح الكيميائي عن انجاز مهامها».
وقال مصدر امني سوري ردا على سؤال لوكالة فرانس برس «كل يوم، هناك معارك، والامر ليس جديدا. هناك عمليات في كل المناطق، ومطاردة المجموعات المسلحة مستمرة».
من جانبها اعتبرت روسيا أمس ان الادعاءات باستخدام السلطات السورية اسلحة كيميائية في ريف دمشق تمثل «عملا استفزازيا مخططا له مسبقا». واشارت وزارة الخارجية الروسية في بيان الى ان «هذا كله يدفعنا للتفكير باننا مجددا امام عمل استفزازي مخطط له مسبقا».
في المقابل، قالت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان «حوالى الساعة الثالثة من صباح أمس قامت قوات النظام بقصف مناطق واسعة من الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيميائية»، وقصف معضمية الشام في الغوطة الغربية بصواريخ كيميائية ايضا. واضافت «توجهت مئات الحالات إلى المشافي الميدانية المختلفة في بلدات الغوطة الشرقية وحتى الكادر الطبي المسعف تأثر بالغازات السامة نتيجة عدم وجود أقنعة واقية واستشهد الكثير من المصابين نتيجة عدم وجود العلاجات المناسبة والكم الهائل للمصابين». وتحدثت لجان التنسيق المحلية عن «استخدام وحشي للغازات السامة من قبل النظام المجرم على بلدات في الغوطة الشرقية فجر أمس». واضافت ان «النظام وجه باجرام لا يوصف اسلحته الكيماوية ضد العائلات في تلك المناطق ليختنق الأطفال في أسرتهم ولتغص المشافي الميدانية بمئات الاصابات في ظل نقص حاد باللوازم الطبية الكافية لاسعافهم وخاصة مادة الاتروبين».
وبث ناشطون اشرطة فيديو عدة على موقع «يوتيوب» الالكتروني يظهر في احدها اطفال يتم اسعافهم عبر وضع اقنعة اكسجين على وجوههم وهم يتنفسون بصعوبة، بينما اطفال آخرون في شريط آخر يبدون مغمى عليهم من دون آثار دماء على اجسادهم، ويعمل مسعفون او اطباء على رش الماء عليهم بعد نزع ملابسهم وتمسيد وجوههم وصدورهم. وتبدو في احد الاشرطة عشرات الجثث بعضها لاطفال مغطاة جزئيا باغطية بيضاء ممددة على ارض غرفة. في حين يصرخ المصور «ابادة مدينة معضمية الشام بالسلاح الكيميائي». ووسط حالة واضحة من الهلع، يسال المصور احدهم «اهلي؟ ابي وامي؟ اين هم؟». ودعا المرصد السوري اللجنة الدولية الخاصة بالتحقيق في استخدام الاسلحة الكيميائية الموجودة في سوريا الى «زيارة المناطق المنكوبة والعمل على ضمان وصول المساعدات الطبية والاغاثية لهذه المناطق في اسرع وقت ممكن» والتحقيق في ما ينقله الناشطون عن استخدام السلاح الكيميائي. ويستمر القصف حتى الساعة. وافاد صحافيون في وكالة فرانس برس وسكان ان اصوات القصف تسمع في كل انحاء العاصمة، وان سحابة دخان كبيرة تشاهد فوق مناطق الريف القريبة من دمشق.
وقال أطباء ميدانيون إن المجزرة التي وقعت فجر امس نفذتها قوات النظام السوري بإطلاق 15 صاروخا محشوا بغاز الأعصاب (السارين) السام على مدن ريف دمشق، مما أودى بحياة المئات من المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء. ونقلت شبكة شام الإخبارية عن أطباء عاينوا الإصابات التي لحقت بالمدنيين قولهم إن الصواريخ الكيميائية أُطلقت في تمام الساعة الثالثة إلا ربعا من صباح امس على جوبر وزملكا وعين ترما ومعضمية الشام عندما كان الناس نياما.
وأشارت إلى أن مراسلها الميداني رصد تصاعد سحب الدخان جراء القصف العنيف على بلدة خان الشيح في ريف دمشق.
إلى ذلك، قال نشطاء معارضون ان قوات الرئيس السوري بشار الاسد هاجمت مواقع مقاتلي المعارضة في دير الزور بشرق البلاد الثلاثاء بعد أيام من التقدم الذي حققته قوات المعارضة هناك وهدد بسيطرتها على المدينة كلها. وتقع مدينة دير الزور وهي عاصمة محافظة دير الزور على ضفاف نهر الفرات وتبعد 430 كيلومترا شمال شرقي دمشق وتتاخم منطقة شاسعة قاحلة منتجة للنفط على الحدود مع العراق.
وسقط نصف دير الزور في قبضة مقاتلي المعارضة قبل عام لكن قوات الاسد صمدت في عدة أحياء بغرب المدينة التي يغلب السنة على سكانها وفي المطار باتجاه الشرق. وقال النشطاء ان ائتلافا لقوات المعارضة تقوده قوة تدعمها قطر وجبهة النصرة المرتيطة بالقاعدة سيطر الاسبوع الماضي على حي الحويقة واستولى على ثكنات للجيش وقوات الامن بالاضافة الى مقر حزب البعث. وقالت مصادر المعارضة في دير الزور ان الجيش قصف قوات المعارضة في حي الحويقة الثلاثاء بالدبابات وراجمات الصواريخ متعددة الفوهات واشتبك معها في معارك في منطقة تفصل الحويقة عن حي الجورة. وقال ابو الطيب الديري من مركز دير الزور الاعلامي الخاص بالمعارضة ان النظام يحاول استعادة الحويقة لانه لا يستطيع تحمل وجود قوات المعارضة قرب أهم معاقله في الجورة ومعسكر الجيش بها. وأضاف الديري ان مجمعي مخابرات القوات الجوية والمخابرات العسكرية وهما جهازان أمنيان مهمان في المدينة يقعان ايضا في حي غازي عياش القريب وأصبحا الان في مرمى قذائف قوات المعارضة الصاروخية.
وقال مصدر اخر في المعارضة ان قوة مقاتلي المعارضة عززها وصول 20 صاروخا مضادا للطائرات من خلال تركيا لكتيبة أحفاد الرسول وهي وحدة تدعمها قطر تتبع المجلس العسكري الاعلى وقامت بدور كبير في الاستيلاء على الحويقة. وأضاف «استخدموا على الارجح صاروخين أو ثلاثة في الحويقة والباقي معهم»، مضيفا ان قوات المعارضة استخدمت في الاستيلاء على الحويقة القذائف الصاروخية في أغلب الحالات وتفجيرا انتحاريا دمر نقطة تفتيش كبيرة بسيارة ملغومة.
وقالت مصادر المعارضة ان عشرات من مقاتلي المعارضة بالاضافة الى 160 من جنود الاسد قتلوا في عملية الحويقة الاسبوع الماضي. ولم يتسن التحقق من صحة هذه الارقام من مصادر مستقلة.(وكالات)