ربما هي سذاجة أن يتساءل المرء عن قدرة مواطن سوري في قتل مواطن سوري ، او مصري بقتل مصري، وأن يقتل مواطن تونسي او لبناني او جزائري عناصر من جيشه الوطني …. هي أسئلة تبسيطية عن حال شعوب يغزو دماغها البسيط ايمانات من نوع تكفير كل شيء ما عداها، فيصبح لزاما عليها ان تستل السيوف لقطع رؤوس الجميع الذين هم اعداء بنظرها، وحتى لو ثبت العكس!
معركة قاسية كما تقودها المجتمعات العربية على وجه التحديد للانسحاب من الموت الفظيع الذي يمارس عليها من قبل اصحاب التفكير الاشكالي وليس الفكر. الجلي القول ان جماعة ” القاعدة ” وباقي الجهات الاسلاموية وخصوصا ” النصرة ” كانت في حال موات او انها كانت ذاهبة الى التبدد لولا ” الجفاف العربي” الذي بشر به الغرب ربيعا فأعاد مدها بالحياة لتنتعش وتعيش وتتطور.
ليس الشيشاني او الاذربيجاني او أي آخر غير عربي يحترف الذبح والقتل، هنالك عرب مسلمون كثر، بل هم الكثر الذين تستلذ اياديهم وعقولهم بممارسة طقس من طقوس ابادة الآخر. هكذا تخرج من مدرسة الفتك التي ترفع شأنه أفكار ليس لها صلة بالاسلام وان كانت تدعيه، وعليه ان يثبت صحة انتمائه بالفعل الذي يؤمن له الاستمرارية امام قيادته الملوثة مثله وهي أكثر تلوثا لأنها تعلم الآخرين مادة القتل والسحل والذبح.
نعترف بأننا في موسم جفاف عربي لم نقرأ مثيلا له في الكتب وفي التواريخ .. ظاهرة تحتاج الى اعادة تشريح ودراسة مستفيضة. يرفع هؤلاء شعار ” الثورة ” على ماهو قائم، فاذا بممارساتهم من صميم العنف الذي يضع كل فرد عربي ومسلم امام اعادة خياراته بالوقوف الى جانب الدولة مهما كانت، ومهما وصفت، سواء كانت ديمقراطية او ديكتاتورية، او متهورة، او مزاجية ..
نقرأ في الثقافة والتاريخ عن يوليوس قيصر، وعن هتلر وموسوليني، ونكاد نصرح بالقذافي مثلا، كوجوه من بين وجوه أخرى لعبت أدوارا فاقعة في ديكتاتوريتها، الا ان ما نراه من ممارسات التكفير علامات تجاوزت كل ما قرأناه وما سمعناه وما رأيناه وما قد نراه . أسوأ الدول، أرحم بكثير من جنة التكفير وافعالهم. وأرذل الدول افضل مما يفعله التكفير من صور تقشعر لها الأبدان. لابد من صيحة حق تلعن هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على دم الآخرين وعلى أفكارهم ومعتقداتهم تحت شعار كل من هو ليس معي او من افكاري فهو خصمي وضدي، وتلك عقيدة صهيونية بالدرجة الاولى.
من محاسن ما كشفه” الجفاف العربي ” تلك الصور الهائلة في دراماتيتها وبعدها عن الانسانية في وقت مبكر قبل ان تتدخل كل عناصر الشر لتتوحد ضد الخير المتبقي في شعوبنا العربية والمسلمة التي تتأذى عند مطلع كل شمس بما يتوالد من مشاهد صادمة للعقل والقلب معا.
بتنا نحن لكل صنوف الديكتاتورية التي اذا ما فتحنا سجلاتها فلن نجد ذلك الهوس بالقتل واشكاله وانماط العقل الذي يسعى للسيطرة على الواقع العربي. سنظل نؤمن بأن لا انتصار للهمجية مهما كان داعموها اقوياء وقادرين.