لست مرتاحاً للاتصالات الأميركية المتكررة مع الأطراف المصرية المتعددة ولا حتى الاتصالات الأوروبية التي عبّرت عنها كاترين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، والأسلوب الغربي في التعامل مع الأزمة المصرية حيث يقطع الاخوان المسلمون الطرق ويحتلون الميادين ويشلون الحركة الاقتصادية والسياحية ويزعزعون الأمن ويواصلون التحريض على السلطة ويستهدفون المؤسسات العامة وخاصة العسكرية والأمنية ..هذا الأسلوب الغربي الغامض الذي يتحدث لغتين واحدة للحكومة المؤقتة الحالية ورموزها وقيادة الجيش والأخرى مع الاخوان وقيادتهم حيث تتوفر زيارتهم..
ما هو الكلام الجديد الذي يقال لقيادات الاخوان المسلمين من زائريهم الأوروبيين (أشتون) والأميركيين وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الذي التقى أمس الأول قيادات الاخوان دون أن يصرح وهو ما فعلته آشتون أيضاً فهل هؤلاء الزوار في وساطة أم لجمع معلومات بما تفكر فيه القيادات المصرية وبالتالي ابتزازها والضغط عليها لايرادها مورد المصالح الأميركية والاسرائيلية وقطع الطريق على أي اعادة تجديد للثورة المصرية التي جرى اجهاضها والمساومة عليها بوصول الاخوان الى قيادتها مع مرسي بعد موافقة الاميركيين على مسائل لم يجر الاعلان عنها واستعداد حكومة الاخوان المعزولة لتقديم ما يرغبون..
الغرب قد يطيل الازمة المصرية حتى «يدوزن» وحتى يروضها لتلتقي أطرافها بتقارب عند مصالحه ولهذا بدأت الآن المساعي الغربية فالأميركيون مع النظام الجديد وليس معه..تصريحات كيري الأخيرة تتفهم التغيير والكونغرس يحجز المساعدات أو يساوم عليها والجنرال السيسي يفضح الأمر ويقول أن أوباما لم يتصل به أبداً والتقارير تقول أن قيادات الاخوان قدمت للأميركيين في رسائل سرية حمل بعضها إلى جهات أخرى وفي اللقاءات الأخيرة في القاهرة وفي مواقع احتجاز بعض قياداتهم تنازلات كبيرة في حال اعادة تمكينهم من العودة الى السلطة..
كانت مثل هذه المساومات بين الاميركيين والاخوان المسلمين قد تمت عشية التنازع بين محمد مرسي الرئيس المخلوع ومنافسه القوي أحمد شفيق وقد دخل الاميركيون على الخط وضغطوا على شفيق وجماعته للتنازل حتى لا تحرق مصر وساعدوا الاخوان المسلمين وقيادتهم في نقل تصورات لصالحهم واقناع اطراف عربية ودولية بضرورة أن يحكم الاخوان المسلمون وهو ما كانت الادارة الأميركية مهدت له حين صرحت الادارة السابقة على لسان الوزيرة كونداليسارايس في جامعة القاهرة دعوا الاسلاميين يعبرون عن أنفسهم في سياسة مصر وجاءت من بعدها كلينتون لتقول (دعوهم يشاركون في الحكم) وعملية التدخل لصالح مرسي ضد شفيق شارك فيها السفير الأميركي في الأردن وهو يعلم الدور الأميركي في اسناد الاخوان المسلمين وحسم الصراع عشية نجاح مرسي لصالح الاخوان والآن فإن الاتصالات الامريكية والاوروبية والمطالبة من القيادة الجديدة بعدم الحسم والتأجيل وإغراقها بقضايا حقوق الانسان والتلويح لها بأن ما جرى هو انقلاب .كل ذلك يصنف في باب الضغوط ليس حبا في الاسلاميين «الاخوان» وانما ترويضا للطرفين المصريين السلطة القائمة لتتنازل سلفا في قضايا عديدة ان ارادت ان تستمر وللاخوان ان يعيدوا تأكيد ما تعهدوا به لامريكا واسرائيل حين حملوا الى السلطة.
مطلوب الحسم في مصر الان من جانب السلطة المؤقتة التي خرجت جماهير مصر الغفيرة يوم 30 يونيو لتدعمها وقد ترجمت ذلك يوم 3/ 7 حتى تصحح الثورة التي صادروها الاخوان ومطلوب انهاء شلل مصر الذي يستفحل لتصبح دولة فاشلة وتنهار.. مطلوب وقف قطع الطرق واغلاقها فهؤلاء لن يعودوا الى بيوتهم بالمناشدة والوعظ والرجاء فقد ذاقوا طعم السلطة التي كانوا من طلابها ونموذج حماس في غزة ما زال ماثلا.. وانصارهم في الاردن الذين يجمعون لهم التبرعات هم أشد تطرفا في المطالبة بعودتهم السلطة من قيادات الاخوان في مصر كما صرح الشيخ همام سعيد.
اطالة بقاء الاخوان في الشارع وهذا العبث والقتل وهذه الوساطات الغربية كل ذلك يسحب البساط من تحت اقدام الثورة المصرية ويعيد مصر الى المربع الاول الذي كان فيه حكم مبارك جنّة قياسا الى ما يريدون!!
وأمام هذا الخطر نقول :يا مصر.. يا سارية الجبل الجبل اذ يتربص بها من لا يرحمون.
سلطان الحطاب/مصر..يا سارية الجبل الجبل
15
المقالة السابقة