عروبة الإخباري – أشعل اغتيال الأمين العام السابق لحركة الشعب التونسية، النائب في المجلس الوطني التأسيسي، والمنسق العام للتيار الشعبي، محمد البراهمي (58 عاما)، داخل منزله بـ11 رصاصة، غضب التونسيين، وخرجت تظاهرات حاشدة في عدة مدن، تخللها حرق مقار لحركة النهضة، والتي اتهمت بالمسؤولية عن الاغتيال، وأعلنت ولاية سيدي يوزيد العصيان العام، كما أعلنت النقابات الإضراب العام اليوم في البلاد، ودعت الجبهة الشعبية التونسية أنصارها إلى الخروج إلى الشوارع والاعتصام، إلى حين سقوط حكم الإخوان المسلمين في تونس.
وتعرّض البراهمي لعملية اغتيال، هي الثانية من نوعها التي تعرفها تونس في أقل من ستة شهور. وقالت مصادر طبية في مستشفى محمود الماطري في مدينة أريانة إنه تلقى نحو 11 رصاصة من سلاح حربي، اخترقت صدره ورأسه، وذكرت ابنته أن مجهولَين اثنين اقتحما منزله في حي الغزالة في مدينة أريانة، وأفرغا في جسده عدة رصاصات أمام أطفاله. وقالت، في تصريحات إذاعية، متوجهة بكلامها للشعب التونسي، «لا تخافوا، تمردوا، تمردوا، تمردوا». وانتقدت بشدة حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي. ويعرف حي الغزالة بأنه معقل السلفيين في تونس، وكان من بين المتهمين بتفجير قطار مدريد قبل سنوات تونسيون منه.
وأثارت عملية الاغتيال ردود فعل غاضبة في المحافظات والمدن التونسية، وقال الناطق باسم الاتحاد التونسي للشغل، سامي الطاهري، أمس، إن المكتب التنفيذي للاتحاد قرر الإضراب العام في جميع مدن البلاد، و«هو إضراب سياسي، دفاعا عن تونس، واحتجاجا على هذا الاغتيال السياسي الجديد، وخوفا من أن تنساق البلاد إلى حمام الدم».
وأعلنت ولاية سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، العصيان العام بعد الاغتيال، ونظم سكان مدن الولاية مسيرات حاشدة، رفعت شعارات منددة بالجريمة، وتم إحراق مكاتب حركة النهضة في مدن الولاية، واقتحام مركز الولاية وإحراق مكاتبها والعبث بملفّاتها. وخرج آلاف التونسيين أمام مقر وزارة الداخلية التونسية في شارع الحبيب بورقيبة، رافعين شعارات مندّدة بحركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد، وبتفاقم العنف والإرهاب، وأخرى مطالبة برحيل الحكومة، وحل المجلس الوطني التأسيسي.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان، إنها «تدين بشدة جريمة الاغتيال، التي اختار المخطّطون ذكرى عيد الجمهورية موعداً لتنفيذها»، وحملت ما وصفتها بـ«قوى الفساد العميقة» المسؤولية، ودعت الجبهة الشعبية التونسية أنصارها إلى الخروج إلى الشوارع، والاعتصام فيه، إلى حين سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في تونس. وندّد، رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، راشد الغنوشي، بالجريمة، ودعا جميع الأطراف السياسية إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة. ووصف رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، عملية اغتيال البراهمي بـ«العمل الجبان والدنيء»، وأعلن الحداد في المجلس اليوم الجمعة.
واعتبر النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن حزب المسار، أحمد إبراهيم، أن تونس أصبحت تعيش «حالة من حرب الشوارع»، ولفت إلى أن الفريق الحاكم «لم يستخلص الدرس من عملية اغتيال الفقيد شكري بلعيد».
واتهمت شهيبة البراهمي (50 عاما)، شقيقة محمد البراهمي، حركة النهضة الإسلامية الحاكمة باغتياله، ولم يتردد محسن مرزوق، القيادي في حركة نداء تونس في تحميل الفريق الحاكم مسؤولية «جريمة» الاغتيال، التي وصفها بأنها عملية اغتيال سياسي بامتياز. ودان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أمس، «بأقصى درجات الحزم» اغتيال السياسي التونسي المعارض محمد البراهمي.
ويعتبر النائب في المجلس الوطني التأسيسي التونسي وعضو مجلس أمناء الجبهة الشعبية والمنسّق العام للتيار الشعبي، محمد البراهمي، من الوجوه القومية الوحدوية البارزة في تونس، ومن أشرس المعارضين لحكم الإسلاميين. انضم إلى ما كان يطلق عليه في الجامعة اسم «الطلاب العرب التقدميون الوحدويون»، ونشط من خلالها إلى أن أسس، رفقة زملائه، عام 2005، حركة الوحدويين الناصرين التي كانت ممنوعة، تعمل سرياً، إلى أن جاءت الثورة، وأسس حركة الشعب القومية الناصرية الوحدوية. وفي انتخابات 2011، تم إنتخابه نائباً في المجلس التأسيسي عن دائرة سيدي بوزيد، وفي يونيو الماضي، أعلن عن تأسيس التيار الشعبي، واستقال من حركة الشعب، بعد ما اعتبرها محاولة من حركة النهضة لتفكيكها.
وقادالبراهمي حركة الشعب للانضمام الى الجبهة الشعبية، والتي تضمّ 12 حزباً يسارياً وقومياً ومنظمات وجمعيات في المجتمع المدني.