علماء الانقلاب هم من سوَّغوا للانقلابيين من العسكريين جريمتهم وألبسوا الانقلاب ثوبا قال فيه الشاعر أبو ذؤيب:
ثوب الرياء يشفُّ عما تحته فإذا التحفت به فإنك عار
فهم ليسوا في العير ولا في النفير في تحديد المصير، بل يستدعون في الحلقة الأخيرة من التمثيلية ليقوموا بدور استغفال البسطاء عقلا وفكرا أن هناك عمائم تجيز الانقلاب على إرادة الشعب، وصندوق الانتخاب، وهؤلاء لا تعرف لهم مواقف حاسمة في السخرية من الله علنًا في الفضائيات والمطبوعات، ولا من هتك الأعراض أمام الكاميرات في ميدان التحرير لما احتلوه بلطجة، ولم تتحرك الدماء في عروقهم حمية على جرائم سفاح سوريا من هتك الأعراض علانية وبالجملة، وسلخ الأطفال وتقطيع أوصال الشباب، وهدم المساجد وآخره قبر سيف الله المسلول خالد بن الوليد، ولم تشغلهم قضية فلسطين، أسرى ولاجئين، وقتلى وجرحى على مر السنين، ومسجدنا الأقصى الأسير الذي حُفرت تحته ٩٠ مترا من الأنفاق، ويُدنس بقطعان اليهود، ولا معاناة أهلنا في بورما والصومال، وزيادة القروش لدى أصحاب العروش والكروش مع وفاة طفل كل خمس ثوان بسبب الفقر والمرض، ولم يثوروا يوما لانهيار الأخلاق والقيم والعفة والمروءة في الفضائيات، بل الأهم عند علماء الانقلاب هو الوصول إلى المناصب، والاستماتة أن يأتي ملك الموت وهم يفترشون الكرسي، وجمع مالا وعدده من المكافآت المادية التي تتوازى مع حجم التدليس والتلبيس والتسويغ والتحريف في دين الله تعالى، وقد وُجد عبر التاريخ من أمثال هؤلاء الكثير، ويُذكرون في هوامش كتب التاريخ كنخالة للأمة، ونفاية للحق، وزراية بالرجال، ولكن الأئمة الأربعة أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وابن حزم وابن تيمية والعز بن عبد السلام و….. قد سجنوا وعذبوا لكي يسوغوا باطلا لا يساوي مثقال ذرة من جرائم الانقلابيين في تاريخنا المعاصر، فهذا أبو حنيفة يُعذب كي يكون قاضي القضاة فيرفض لأن هناك تدخلا في عدالة القضاء فيعذب ويسجن، وهذا مالك قد وشى به الواشون أنه ما أفتى ببطلان طلاق المكره إلا إشارة وقصدا لبطلان بيعة المكره فجيء به وعُذب حتى فقد تحريك ذراعيه، وكذا الشافعي وابن حنبل وشهرة ابتلائه في قول الحق يعرفها القاصي والداني في فتنة خلق القرآن، ولا يخفى على أنصاف المثقفين ما نال ابن حزم الأندلسي وابن رشد القرطبي والعز بن عبدالسلام الدمشقي وابن تيمية وانتهاء بالشهداء عمر المختار وحسن البنا وسيد قطب والسباعي و…. مكانا في قلوب الأمة إلا بقول الحق ومواجهة الباطل وحزبه، وأصر هؤلاء الأعلام على بيان الأحكام، ولو أغضبت الحكام، طالما يرضون الرحمن، كما قال الله تعالى: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ” (الأحزاب: من الآية39)، وهؤلاء جميعا تعرضوا لفتنة الإغواء فلما رفضوا تعرضوا لفتنة الإيذاء فما وهنوا في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، بل ظلوا قامات عالية لا تنحني رؤوسهم إلا تعبدا ورقا وذلا واستكانة لله وحده، فإذا رفعوا رؤوسهم مع الخلق فهم العزة والعفة، والصبر والجلد، والشهامة والكرامة، وهاهم اليوم يخرج أمثال هؤلاء كما قال السموأل:
إذا سيد منا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول
هؤلاء في مصر والأمة العربية والإسلامية علماء ضد الانقلاب العسكري في مصر الذي يخدم المصالح الصهيو أمريكية وأذيالهم في دولنا العربية كي تركع مصر ركوعا لا قيامة ولا كرامة بعده لكن العلماء تقدموا المشهد في الميادين والمدونات والمنابر والمخاطر، وقدموا الجرحى والشهداء، والمعتقلين في مصر والخليج، ولم يبخلوا على مصر بفلذات أكبادهم واحتسبوا عند الله أخواتهم وبناتهم، وهاهم اليوم يكونون جبهة جديدة تخوض معارك سلمية تحت عنوان “علماء ضد الانقلاب” وهذا بيانهم الذي أذاعوه أمس على منصة رابعة العدوية أمام ملايين الشرفاء من الأحرار الثوار على الانقلابيين، وأنقل نص البيان لنُعذر عند الله ولتستبين سبيل المجرمين:
“الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
فإن جبهة “علماء ضد الانقلاب” التي انطلقت من الجامع الأزهر يوم أن مُنع رفع الأذان فيه لأول مرة في تاريخه، وحوصر العلماء فيه، وهي تتابع ما يجري في مصرنا الحبيبة، واستشعارًا منها بمسؤولية العلماء نحو الأمة، تعلن الآتي:
أولا: تتبنى الجبهةُ كلَّ ما أعلنته الهيئاتُ والاتحادات والتحالفات الشرعية والشخصيات الشرعية المعتبرة من بيانات ومطالب مبنية على أدلة شرعية قوية، مثل: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء أهل السنة، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، ومجلس شورى العلماء، وجبهة علماء الأزهر، والتحالف الوطني لدعم الشرعية، وبياناتِ ومواقفَ كلٍّ من: العلامة د. يوسف القرضاوي، والعلامة د. حسن الشافعي، والعلامة د. محمد عمارة، والعلامة المستشار طارق البشري.
ثانيًا: تطالب الجبهةُ الانقلابيين في مصر بالكشف الفوري عن مكان الرئيس الشرعي المنتخب الأستاذ الدكتور محمد مرسي، والسماح بزيارته، وأن يمارس حياته بشكل طبيعي، وعودتِه لمنصبه الشرعي، وتحذر من أن يمسه أيُّ سوء، وترى الجبهة حرمة الوضع الذي يعيش فيه الرئيس المنتخب الآن، شرعا وقانونا، ومروءة ورجولة: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً” (الإسراء: 70).
ثالثًا: تشير الجبهة إلى أنه من العار في تاريخ الجيش المصري – “خير أجناد الأرض” (ابن عبد الحكم في فتوح مصر، والمتقي الهندي في كنز العمال رقم: (38262))، أن توجَّه رصاصاتُه لأول مرة في تاريخه إلى الصدور السلمية للشعب المصري وهو راكع وساجد؛ وفي العريش والحرس الجمهوري ورمسيس، ذلك الجيش الذي بناه الشعب بعرقه وماله؛ ليوجه رصاصاتِه إلى العدو الصهيوني وأعداء الأمة على حدود الوطن، لا إلى إخوانه وأبنائه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ” (الأنفال: 27).
رابعًا: تُدين الجبهة بأقصى عبارات الإدانة، وتحرم أشد أنواع التحريم، ما وقع على أيدي البلطجية ورجال الشرطة تحت رعاية الانقلابيين الدمويين من قتل لنساء المنصورة والاعتداء عليهن في المسيرات السلمية بصورة لا يقبلها شرع ولا قانون ولا عقل ولا رجولة، ولن يفلتوا من عقاب الدنيا، كما لن يفلتوا من عقاب الله: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً” (النساء: 93).
خامسًا: تدعو الجبهة شيخ الأزهر أن يرجع للحق أو يقدم استقالته بعد أن تورط في تأييد الانقلاب وما تبعه من أهوال دون استشارة أحد من هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية قبل تسويغ الانقلاب، وهو ما يعتبر جريمة في الدنيا وإثما في الآخرة.
سادسا: تهيب الجبهة بأبناء وشرفاء مصر الأحرار أن يشاركوا المعتصمين الأبطال: رجالا ونساء، شيبا وشبابا، في كل ربوع مصر وميادين محافظاتها، أن يستمروا في اعتصامهم السلمي، وأن يصمدوا ويثبتوا، فإن صمودهم هو الأمل الوحيد – بعد الله تعالى – في إنهاء الانقلاب قريبًا إن شاء الله، وهو الضمانة الحقيقية لمنع عودة الوجه القبيح للدولة البوليسية، والرهان الأوحد لبقاء الربيع العربي، وتحريرِ المستضعفين في الأرض، وعودة مصر إلى القيادة والريادة والاستقلال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (آل عمران: 200)، “وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ” (الشعراء: 227).
صدر عن جبهة “علماء ضد الانقلاب” في القاهرة، ميدان رابعة العدوية يوم الإثنين ١٣رمضان ١٤٣٤هـ، الموافق ٢٢/٧/ ٢٠١٣م.
علماء ضد الانقلاب تجدهم في المنابر والساحات لأنه لا رهبانية في الإسلام كما يفعل بعض علماء الانقلاب، وأيقنوا أن النصر قادم من الله يقوده علماء ضد الانقلاب وليس علماء الانقلاب.