استفدت من المحاضرة القيمة التي ألقاها خبير صندوق النقد الدولي الدكتور غازي شبيكات في مقر مجلس الأعمال العراقي بدعوة من رئيس المجلس الدكتور ماجد الساعدي وقد قدم الخبير شبيكات شرحاً مميزاً باعتباره الممثل المقيم للصندوق في العراق وكان هدف اللقاء شرح ما توصل له الخبراء حول مشاورات المادة الرابعة مع العراق عام 2013 والدكتور شبيكات يرى أن رغم الظروف الصعبة فإن تطورات الاقتصاد في العراق ايجابية وتشهد نمواً اقتصادياً متسارعاً..
كان سؤالي إذا كان الأمر على هذه الناحية فلماذا يعاني الشعب العراقي أبسط حقوقه في الحصول على الكهرباء بانتظام وعلى الماء النظيف لأغلب سكانه وعلى بنية تحتية مناسبة من طرق واتصالات وتعليم ليشجع ذلك القطاع الخاص العراقي والعربي للاستثمار في العراق..وأين المسؤولية الاجتماعية؟ وما قيمة الأموال المتدفقة من النفط تحديداً دون أن ينعكس ذلك على الشعب العراقي في حياته اليومية؟ ومن الذي يستفيد من عشرة مليارات دولار لدعم الطاقة في العراق طالما أنها لا تتوفر بشكل لائق؟ ولماذا يجري هذا الدعم الذي يذهب إلى الأغنياء والمستثمرين وليس للفقراء وأصحاب الحاجات؟..
لم يتطرق الدكتور شبيكات للفساد في العراق ولموقع العراق في القوائم المتقدمة منه فقد قال إن ذلك من تخصص أطراف أخرى وأن الصندوق يتحدث عنها عن استقرار سعر الصرف وعن الموازنة واستقرارها وتخصصاتها وأوجه الانفاق فيها وكيفية مساعدة الحكومة العراقية التي تحتاج إلى عمل كبير وشاق ومستمر لرفع سوية العراق وتأهيله ابتداء من القوى البشرية القادرة على إعادة بناء العراق وهي غير متوفرة التأهيل ومروراً بموازنات لائقة للاستثمار الرأسمالي فوجود الأموال وتوفرها في الحالة العراقية لا يعني الكثير خاصة وأن الحكومة غير قادرة على انفاذ المشاريع لأسباب عديدة سياسية وامنية وضعف المصادر البشرية القادرة.
هناك مؤشرات ايجابية تحدث عنها الخبير في أن الاحتياطات الدولية لدى البنك المركزي العراقي وصندوق تنمية العراق زادت وأشار إلى أن أداء المالية العامة متفاوت والموازنة ما زالت تراوح عرضة لتقلبات أسعار النفط..فالعراق الغني جداً بالنفط واقتصاده يعتمد كلياً عليه ما زال يحتاج الى استثمارات في قطاع الصناعة والزراعة وتنويع مصادر اقتصاده بشكل متوازن وما زال يحتاج إلى اعادة نظر عميقة في توزيع نفقات الحكومة حيث ما زالت الخدمة المقدمة متدنية ولم يساعد على تحسينها التوسع الكبير في التوظيف والتشغيل والذي تنعكس آثاره بشكل سلبي على الأداء والموازنة كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر في العراق متدني ولذلك اسبابه العديدة المعروفة وغير المجهولة..
وأشار المحاضر إلى تراجع رئيسي لبيئة الأعمال والحوكمة وإلى تأخر النظام المالي في العراق بشدة عن مواكبة التطورات.
واستنتج أن التطلعات المستقبلية في العراق سوف تظل من خلال الاقتصاد الكلي محكومة ومدفوعة بالتطور في قطاع النفط حيث يكمن التحدي وهناك مخاطر تحيط بكل ذلك منها..التنفيذ الضعيف للسياسة الحكومية والعامة وتراجع مستوى الوضع السياسي والأمني والتأخر في زيادة حجم الانتاج النفطي وتراجع أسعار النفط..ودعى إلى مراكمة هوامش مالية وإلى ترشيد الانفاق الجاري وإلى بناء مؤسسي للمالية العامة وإلى وجود سعر صرف مستقر وتحرير سوق العملة الأجنبية وإلى نظام مكافحة غسيل الأموال وتمويل الارهاب وإلى إدارة ناجحة لاحتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية وهيكلة المصارف العامة ودعم نمو المصارف الخاصة من خلال ارساء المنافسة العادلة مع المصارف العامة كما رأى الخبير أن النفط سوف يستمر في الهيمنة على اقتصاد العراق ولذا ستكون الادارة الناجحة للايرادات النفطية ضرورة قصوى داعياً أيضاً إلى ضرورة عزل الاقتصاد عن تقلب أسعار النفط وأن يكون انفاق المالية العامة قوياً ليصمد أمام هبوط أسعار النفط وأن تزال التشوهات لو كانت اسعار الصرف مستقرة.
في النهاية تدفقت الأسئلة وكان الحضور عديد من الفضائيات والصحفيين الذين غطوا المحاضرة في حين دعى المحاضر إلى المزيد من الاستثمار في العراق لوجود فرص واعدة وكنت رغبت أن يوجه دعوته للمستثمرين الأردنيين وإلى المستثمرين العراقيين في الخارج مؤكداً في الاجابة أن هذه فرصة ممتازة أردنية لاقامة تعاون استثماري مع العراق وفتح مشاريع أساسية..
ما زال المستثمرون الأردنيون بحاجة إلى مزيد من شرح هذه الفرص خاصة بعد لقاء رئيس الوزراء الدكتور النسور مع رئيس وأعضاء مجلس الأعمال العراقي ولذا فإن دعوة الخبير شبيكات لالقاء محاضرة بنفس المضامين أو قريبة منها عن فرص الاستثمار أمام الأردنيين المعنيين ضرورة خاصة اذا ما تقدمت غرفة الصناعة أو التجارة الأردنية أو مجلس رجال الأعمال الأردني لطلب ذلك لما يتوفر من معلومات
alhattabsultan@gmail.com