أكد المبعوث الدولي والعربي الى سورية الأخضر الإبراهيمي أن واشنطن وموسكو قطعتا «شوطاً كبيراً» في تقاربهما حول الملف السوري، وأن العمل لا يزال جارياً لعقد مؤتمر «جنيف-2»، وإن كان من الصعب «جلب أشخاص يقتتلون بعصا سحرية» إلى المؤتمر، لافتاً إلى أنه «لن يكون هناك انتصار عسكري في سورية».
في غضون ذلك، كشف نواب في الكونغرس الأميركي أن لجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ رفعتا الحظر عن تسليح المعارضة بعد اجتماعات مغلقة مع إدارة الرئيس باراك أوباما، وتوقعت البدء بتنفيذ هذا القرار الشهر المقبل.
وقال الإبراهيمي في لقاء مع عدد من الصحافيين حضرته «الحياة»، إنه اجتمع بوزير الخارجية الأميركي جون كيري ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وإن لقاء سيعقد بين كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في نيويورك «خلال أسابيع»، مضيفاً أن الطرفين «قطعا شوطاً كبيراً، وهما يلتقيان حول نقاط كثيرة في سورية» وبينها تفضيل الحل السياسي وشروط المرحلة الانتقالية، أي تشكيل «حكومة كاملة الصلاحيات» تشرف على الانتخابات المقبلة، لكنه لفت الى استمرار وجود «بعض الخلافات» بينهما.
واعتبر أن «العائق الأكبر» أمام انعقاد مؤتمر «جنيف-٢» هو انقسامات المعارضة. ورحب بالجهود لتنظيم صفوفها، مستبعداً انعقاد المؤتمر الدولي الشهر المقبل.
وسألت «الحياة» الإبراهيمي عن قرار واشنطن بالتسليح الذي أفسح الكونغرس المجال أمامه أول من أمس وتأثيره على المسار الأميركي- الروسي، فأجاب أن الأمم المتحدة هي ضد فكرة التسليح وأن الحل هو «سياسي محض»، معتبراً أن واشنطن لا تسلح المعارضة بهدف تحقيق «حل عسكري» ذلك أنها تدرك بأن الحل سيكون سياسياً.
وعن التقدم الذي يحرزه نظام الرئيس بشار الأسد على الأرض، قال الإبراهيمي: «لن يكون هناك انتصار عسكري في سوري بل تدمير». وأشار إلى أنه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كانت المعارضة تعتقد بأنها تتقدم «وقد تنتصر خلال أسابيع، واليوم يعتقد النظام أنه يتقدم، فيما الواقع على الأرض أن الحل لن يكون إلا سياسياً ولن يكون هناك انتصار عسكري». ولفت إلى المدة التي تستغرقها قوات النظام لتحقيق مكاسب في مدينة القصير أو حمص في وسط سورية وكلفة ذلك على البلاد.
وأشار إلى أن أي حل في سورية «يجب أن يتخطى التغييرات الشكلية ويتعاطى مع تغييرات جذرية»، وأن هناك شريحة كبيرة من النظام والمعارضة تدرك ذلك. وزاد أن «وقت التغيير التجميلي في سورية أو أي مكان آخر، والناس يطالبون الآن بتحولات في مجتمعاتهم».
وشدد الإبراهيمي على ضرورة إشراك إيران في «جنيف-٢»، مؤكداً أن الجانب الأميركي يدرس ذلك. وأضاف أنه لا يعرف ما إذا كان هذا الأمر كافياً لإنهاء الأزمة وما إذا كان لدى روسيا التأثير الكافي على النظام. وقال إن «الأمم المتحدة قالت بوضوح إنها تود من كل الدول التي لها مصالح أو تأثير أن تحضر المؤتمر، بما في ذلك إيران».
وكان الإبراهيمي (أ ف ب) قال لصحافيين على هامش اجتماع لـ «معهد كارنيغي للسلام الدولي» في واشنطن إنه «من الصعب جداً جلب أشخاص يقتتلون منذ سنتين بعصا سحرية إلى مؤتمر للسلام. الأمر سيستغرق وقتاً لكني آمل أن يحصل». وأضاف أن «هناك مسائل لم تحل بعد. نحن متفائلون وهذا كل ما يمكننا قوله».
وجاء كلام الإبراهيمي في وقت قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز لوكالة «رويترز» أن اللجنة رفعت الحظر عن التسليح بعد استماعها إلى وجهة نظر الإدارة، وأن تطبيق القرار يمكن أن يبدأ الشهر المقبل.
وكانت لجنتا الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ عطلتا قرار أوباما بالتسليح عبر قطع التمويل، بسبب مخاوف من وصول السلاح إلى أيدي متطرفين، وطالبتا البيت الأبيض باستراتجية واضحة.
وكثفت الإدارة اجتماعاتها مع النواب الأسبوع الفائت في جلسات مغلقة، الأمر الذي أتاح موافقة اللجنتين على القرار وإعطاء أوباما الغطاء التشريعي لتزويد المعارضة بأسلحة مضادة للدبابات وذخائر. وترى واشنطن في هذه الاستراتيجية طريقاً لتغيير حسابات الأسد ولتسريع الحل السياسي، وهي تنسق مع دول إقليمية في مهمات التسليح لمحاصرة المجموعات المتطرفة والتأكد من عدم وقوع السلاح في أيدي جماعات على صلة بتنظيم «القاعدة» مثل «جبهة النصرة».
ومن المنتظر أن يتوجه كيري إلى نيويورك نهاية الأسبوع، بالتزامن أيضاً مع وصول وفد من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض إلى الأمم المتحدة يومي 26 و27 الشهر الجاري.