يراقب الأردنيون، بارتياح، ما يرونه من تطور نحو الاستقرار السياسي في مصر. فهم، من ناحية، يثقون بقدرة مصر وقياددتها في الحفاظ على أمن شعبها، وذلك من خلال الجدية في تطبيق خارطة الطريق التي أعلنها الجيش في بيانه يوم 6/ 7/ 2013.
لكنهم، من ناحية أخرى، يتابعون، بقلق بالغ، التعرض لأمن مصر من قبل كل الجهات التي تترصد هذا البلد ونجاحاته. تصريحات مسؤولين أتراك، بعد اجتماع التنظيم الدولي للإخوان في استنبول، بعدم الاعتراف بغير مرسي رئيسا شرعيا لمصر مؤشر على ذلك. يتفق الأتراك، في هذا، مع حلفاء الإخوان في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية.
لا ينسى مواطنونا، عند سماعهم لمبررات الخروج على أمن مصر، ما كان قد قدمه مرسي لإسرائيل بضمانه وقف إطلاق النار بين حماس ودولة الإحتلال؛ أو رسالته، عبر سفيره في تل أبيب، لشمعون بيريز في عيد إسرائيل يوم 15/ايار؛ أو قراره بالحفاظ على معاهدة كمب ديفد التي طالما رفع الإخوان شعار محاربتها وإلغائها قبل تمكنهم من الحكم.
ثم يأتي، الآن، لجوؤهم للعنف، لإفشال ثورة 30/حزيران، الذي هو، عمليا، برنامجهم لإعادة مصر إلى اللاوزن السياسيي في المنطقة؛ وإلى سياسات جربها المصريون لعام كامل ورفضوها، وأسقطوها في ثورتهم.
أحداث سيناء، ومهاجمة المراكز العسكرية والاقتصادية المصرية فيها، حرب إخوانية حقيقية على مصر اعترف بها الإخوان وجعلوا توقفها وعودة الهدوء لشبه الجزيرة، كما جاء في تصريحات قادتهم، شرطا لعودة محمد مرسي لمركزه ودوره باعتباره الرئيس الشرعي لمصر؛ وأن ثورة 3 تموز كانت انقلابا على الشرعية.
أما في القاهرة حيث الناس يعرفون ويملؤون الشوارع، فهم يلجأون للتهويل بقوتهم وأعداد متظاهريهم التي جعلوها بالملايين «بما يغرق ساحات مصر وشوارعها.» لقد وصف بعض الصحفيين من غير المصريين ما يجري هناك بانه لا يعدو أن يكون، وبحسب الوثيقة الصادرة عن اجتماع استنبول، عملية إرباك لأمن مصر وجيشها. فهم ينظمون مظاهرت صغير لا تزيد أعداد المشتركين في اي منها عن العشرات، تظهر في شارع ما فجأة لتخل بالنظام العام ثم تختفي، منتهية، في بعضها، باشتباكات مع الناس، لتخلف جرحى وقتلى، أحيانا، مما يخرج الإخوان من لحمة المجتمع المحلي الذي يخرجون في أزقته وساحاته.
أما في رابعة العدوية، وجوارها، فقد صارت تصل أخبار مصورة عما يحدث فيها من تجاوزات على الناس، بالإضافة لشكايات سكانها مما لحق بهم من تدمير لحياتهم وأعمالهم بالإصرارعلى الاحتشاد في الساحة. مواطنونا يعرفون معنى ذلك من تجربتهم مع مسيرات الجامع الحسيني.
والأردنيون يدركون، بالخبرة التاريخية وبالقياس، أيضا، أن ما يحدث في مصر محكوم انتهاؤه، بالاستقرار المطلوب، بوضع الأطر اللازمة لتنفيذ خارطة الطريق. لذلك يرون أن تشكيل الحكومة الانتقالية وحلف أعضائها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية إطار رئيس من هذه الأطر؛ بالإضافة إلى أنه يمثل لكمة قوية في صدر الداعين للعنف من قادة الإخوان تدفعهم نحو الخلف بما قد يخرجهم من المجتمع، بالكامل، ما لم يقرروا، وبسرعة مقنعة، العودة لحضن وطنهم الحامي لهم. وذلك هدف جدير يتمنى الجميع رؤيته يتحقق ليس في مصر وحدها بل في كل بلد عربي يواجه المشكلة، معهم، بصورة او بأخرى.