عروبة الإخباري – يعتبر مشروع الديسي، المشروع الوطني الناقل لمياه الديسي انجازاً يضاف الى سجل انجازات الملك عبدالله الثاني المتعددة، ويأتي انجازه نجاحاً جديداً في سفر جلالته، والذي سيوفر المياه لعدة محافظات عانت الشح المائي لسنوات طويلة وذلك لنقص المصادر المائية والنمو السكاني والهجرات القسرية التي وفدت الى الاردن.
فقد جاء انشاء المشروع برغبة سامية تمثلت بتشكيل لجنة ملكية لقطاع المياه في العام 2009عندما اوعز جلالته بتشكيل اللجنة برئاسة سمو الامير فيصل بن الحسين بهدف اعطاء القطاع المائي اولوية كانت الاولى من حيث اولويات الدولة عند تسلم جلالته مقاليد الحكم عام 1999.
فقد عهد جلالته الى اللجنة مراجعة وتحديث الاستراتيجية الوطنية للمياه واقتراح السياسات والبرامج والمشروعات ذات الأولوية لتحقيق أمن التزود بالمياه وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني حيث انتهت اللجنة الملكية من صياغة مسودة الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه في نهاية العام 2008، فيما ركزت الاستراتيجية على حماية مصادر المياه الجوفية، واستغلال مصادر المياه غير التقليدية.
كما أقرت مسودة استراتيجية المياه الجديدة “مراجعة” النظام رقم 85 للعام 2002 والمتعلق بالمياه الجوفية وحمايتها من الاستخدام غير القانوني والضخ الجائر، سعيا لـ “وضع ضوابط مشددة” على استخدام تلك المياه.
واستجابة لما تضمنته الاستراتيجية من تنفيذ للعديد من المشروعات قامت وزارة المياه والري بسلطتيها بإعداد خطة تنفيذية للاستراتيجية لتنفيذ المشاريع التي من شأنها تعزيز المخزون المائي وتخفيف حدة العجز، ومنها تنفيذ مشروع الديسي.
ووقعت الحكومة في السابع من نيسان للعام 2008 اتفاقية تشغيل مشروع جرّ مياه الديسي إلى عمان مع شركة جاما التركية التي قامت بتشغيل وتنفيذ المشروع على مبدأ البناء والتشغيل والتسليم.
ويستمر المشروع 25عاماً، باستثناء فترة التنفيذ التي تصل إلى 48 شهراً، بحيث تؤول ملكية المشروع في النهاية إلى حكومة المملكة الأردنية الهاشمية.
ويعول الأردن على مشروع الديسي باعتباره أحد المشروعات الاستراتيجية المهمة لمستقبل إدارة الموارد المائية، والحدّ من العجز المائي إضافة إلى ما سيوفره مشروع قناة البحرين عند تنفيذه من تأمين حاجة الاردن من المياه.
ويعد الديسي، من أهم مصادر المياه الجوفية غير المتجددة في الأردن، وأجودها لأغراض الشرب، وهو حوض مشترك بين الأردن والمملكة العربية السعودية.
وكان الأردن بدأ باستغلال مياه حوض الديسي العام 1980، اذ كان يوفر 5ر16 مليون متر مكعب لأغراض الشرب لمنطقة العقبة، و75 مليون متر مكعب لأغراض الزراعة في منطقة العقبة.
وتولدت فكرة جرّ مياه الديسي إلى عمان في العام 1985، ثم تحولت إلى خطة عمل جدية نهاية التسعينيات، بعد ان أصبحت أزمة المياه في الأردن ملحّة في ظل عودة أعداد كبيرة من الأردنيين إلى المملكة قبل وبعد حرب الخليج الأولى مطلع العام 1991، ما شكل عبئا اضافياً على استهلاك المياه رغم شح مصادرها.
ويضخ المشروع 100 مليون متر مكعب سنويا من المياه الجوفية الصالحة للشرب إلى مدينة عمان والمناطق المجاورة بواسطة خط ناقل بمسافة 325 كيلو متراً، وفي عملية ضخ من 55 بئرا على عمق 500 متر، و9 آبار انضغاطية على عمق 400 متر.
وتؤكد وزارة المياه استمرار ضخ مياه الديسي إلى عمان من خلال المشروع مدة 50 عاماً من تاريخ تشغيله، استناداً إلى تصاميم الأنابيب الناقلة التي ينتهي عمرها الافتراضي بعد نصف قرن على التشغيل.
وبلغت كلفة المشروع 702 مليون دينار شاركت خزينة الدولة بمبلغ 300 مليون دولار في تمويله.
وكانت وزارة المياه دخلت في منتصف التسعينيات في مفاوضات عديدة مع شركات محلية ودولية، كما حاولت الحكومة إنشاء شراكات استثنائية لدعم المشروع، الا انه لم يكتب لها النجاح ما أفضى في النهاية إلى دعم فكرة تنفيذ المشروع عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص من خلال مبدأ البناء والتشغيل والتسليم وهو المبدأ الذي بات يشكل النوع الأكثر تداولا من الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص في قطاع إدارة الموارد المائية.
وكان المشروع مر بمراحل صعبة تحول دون او تأجيل العمل به الا انه في شهر آذار للعام 2007 تقدمت ثلاث شركات عالمية من أصل خمس شركات بعروض لتنفيذ المشروع تأهلت من ناحية فنية لتنفيذه؛ فكانت الاسعار التي تضمنتها عروض هذه الشركات في الحدود المقبولة للوزارة، وفازت شركة جاما ومقرها انقرة بالعطاء.
إلا أن الغلق المالي تعثر أكثر من مرة، حيث أعلن البنك الدولي اعتزامه عدم تمويل المشروع أواخر آب 2008، ما دفع الحكومة إلى البحث عن ممولين آخرين.
وكان حوض الديسي يتعرض لاستنزاف سنوي يقدر بـ 93 مليون متر مكعب من قبل 4 شركات زراعية خاصة تستخدم لأغراض الري والتصدير وبقيمة رمزية وشبه مجانية يبلغ 10 قروش للدونم سنوياً بناء على اتفاقية موقعة منذ العام 1985 مع وزارة المالية وتنتهي في 2010، تقضي بالتوجّه إلى زراعة الحبوب في وقت بدأ فيه إنتاج الحبوب بالتراجع منذ مطلع الثمانينيات، وذلك لمواجهة أزمة النقص.
وأدت الاتفاقية إلى خسائر مائية كبيرة من مخزون الديسي نتيجة استهلاك الشركات الزراعية، التي حادت عن الاتفاقية الموقعة مع الحكومة، وباتت تصدر الخضار والفواكه بدلاً من إنتاج الحبوب.
ورغم وجود عشرة سدود رئيسية في مناطق مختلفة من الأردن تحتوي على 327 مليون متر مكعب الا ان الاردن يواجه زيادة في الطلب على المياه مع ارتفاع عدد السكان وتدفق اللاجئين عليه، إذ يُتوقع أن يصل العجز المائي السنوي الى حوالي نصف بليون متر مكعب.
وتبلغ حصة الفرد في الأردن أقل من 150 متراً مكعباً من المياه سنوياً.
وفي الوقت الذي تستحوذ فيه مياه الشرب على أكثر من 30 بالمئة من حجم استهلاك المياه، فإن النسبة الأكبر المقدرة بحوالي 65 بالمئة تذهب لقطاع الزراعة، رغم أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 4 بالمئة، بينما تقدر نسبة الفاقد في شبكات المياه بحوالي 44 بالمئة من حجم المياه التي تضخّ للمنازل.
ويعول الأردن على إقامة مشروعات ضخمة لإيجاد حلول عملية لأزمة المياه، منها مشروع قناة البحرين بين البحر الميت والبحر الأحمر.