حتى يحترم الشعب المصري ، تاريخه وتراثه ، ويضع نفسه على الطريق السوي ، لأنه طريقنا ، فنحن شركاء للمصريين نتعلم منهم ، ونهتدي بهديهم ، فنحن معهم في خندق واحد ، يفرحوا نفرح ، ويحزنوا نبكي ، يستقروا نقوى ، وحينما يضعفوا نتلاشى ، في النكسة هُزمت مصر فأخذت معها الأمة بكاملها ، وحرب أكتوبر أعادت لهم ولنا جزءاً من الكرامة ، وحينما فعلوها في كامب ديفيد لم يصمد العرب ولا زالوا ، دون المستوى من الكرامة والندية مع عدونا القومي ، فالإلتزامات مهينة ، والشروط قاسية .
الربيع العربي ، جعل الأنسان العربي إبن الشارع ، شريك في صياغة مؤسسات صنع القرار في بلادنا ، وإنعكس ذلك علينا ، وعلى حياتنا ، بدءاً بثورة يناير ، مروراً بثورة 30 يونيو ، وأثارهما سيكون له تأثير وقوة كما حصل لنا نتيجة ثورة 23 يوليو 52 ، وحرب السويس 56 ، ونكسة حزيران 67 ، وحرب أكتوبر 73 ، وكامب ديفيد 79 ، وصولاً إلى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 .
الرئيس مبارك ، رئيس شرعي ومنتخب ، وأحد أبطال حرب أكتوبر ، والرئيس مرسي أحد قيادات حركة الإخوان المسلمين ، وشرعي منتخب ، وكلاهما يجب أن تتوفر له الحصانة ، مهما فعل من تجاوزات ، فالموقع والمنصب والدور يجب أن يعطيهما جزءاً من الأحترام والتقدير ، مثل كل الشعوب المتحضرة التي تحترم ماضيها وقياداتها .
مبارك كان له مكانة كبيرة ، ومرسي يجب أن تكون له نفس المكانة ، ولذلك على الرئيس المؤقت الأنتقالي وعلى إدارة الجيش ومؤسسات صنع القرار ، بما فيها حركة الشارع والإحتجاجات التي أسقطت شرعية مبارك وشرعية مرسي أن يوفروا الحصانة المطلوبة والضرورية للرجلين إحتراماً لمنصبيهما ومكانتيهما ، كما سبق وفعل عبد الناصر بالملك فاروق حينما عامل الملك السابق بالإحترام وتركه وشأنه يُغادر مصر معززاً مكرماً بما يليق بمكانته كملك سابق وبما يليق بالثورة على أنها لا تنتقم للماضي ، بل جاءت لتصنع سلوكاً جديداً وترسي تقاليد رفيعة تقوم على الأحترام والتقدير وليس على الأنتقام والتدمير .
يكفي ثورتي يناير ويونيو أن أسقطتا مبارك ومرسي وتواصلان طريقهما على أمل أن تضعا مصر نفسها على طريق التعددية والديمقراطية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع وتداول السلطة إعتماداً على نتائج الإنتخابات وإفرازاتها ، وعلى أمل أن تتحرر من كامب ديفيد وإرتباطاتها ومهانتها ، وتوفر لنفسها وشعبها إستقلال القرار السياسي والأقتصادي والأمني بما يعكس مصالح الشعب المصري الحقيقية المرتبطة بالعرب وكرامتهم وتقدمهم ، وأن توفر لشعبها الأمان والعدالة وحسن الأدارة والخدمات التي يستحقها .
h.faraneh@yahoo.com
حمادة فراعنة/الحصانة للرئيسين مبارك ومرسي
19
المقالة السابقة