عروبة الإخباري – تلعب السفيرة الأميركية في القاهرة، آن باترسون، دوراً بارزاً في الساحة المصرية، وترتبط بشبكة علاقات وطيدة مع كافة الأطراف السياسية الفاعلة، سواء مع جماعة الإخوان المسلمين، أو جبهة الإنقاذ الوطني، أو شباب الثورة.
وكان موقف باترسون من مظاهرات 30 حزيران (يونيو)، واضحاً، فهي وإدارتها في واشنطن، يؤيدون “الشرعية” في مصر، ويطالبون بالإحتكام إلى صندوق الإقتراع إذا ما أراد الشعب المصري تغيير الرئيس “المعزول” محمد مرسي، إلا أن موقفها تغير بشكل واضح، بعد خروج الملايين من المصريين إلى الميادين، منادين بإسقاط حكم الإخوان، فتحولت إلى ممارسة الضغوط على مرسي من أجل الخروج وإعلان إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة، لكنه أبى إلا العناد والإصرار على موقفه، فتمت الإطاحة به من قبل الجيش.
وفي التفاصيل أن الفريق عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع أمهل الرئيس المعزول، سبعة أيام من أجل الإستجابة لمطالب الشعب المصري، مشيرة إلى أنه طلب الإجتماع بمرسي في يوم 23 حزيران (يونيو)، وسلمه تقارير سيادية تحذر من إنحدار البلاد نحو حرب أهلية، وأن هذه التقارير تؤكد أن الجمود في الأوضاع يضر بالأمن القومي المصري، ولفتت المصادر إلى أن مرسي وعد السيسي بإتخاذ خطوات جادة في سبيل حلحلة الأزمة، ووعد بالخروج للشعب وتوضيح كافة الأمور، وإرضاء الغاضبين.
وأضافت المصادر أن مرسي، خرج بالفعل بعدها بثلاثة أيام، وقدم خطابًا لمدة 150 دقيقة، أي حوالي ساعتين ونصف الساعة، وهدد وتوعد من وصفهم بـ”الفلول”، والقضاة والإعلاميين، ولم يقدم أي جديد، ونبهت إلى أن هذا ما يفسر سر الإبتسامة الغامضة التي كانت تعلو وجه الفريق أول عبد الفتاح السيسي أثناء الخطاب.
وأوضحت المصادر أن مهلة الإسبوع أنتهت دون أن يستجيب مرسي لمطالب الشعب، فأمهله السيسي يومين إضافيين، يخرج خلالهما للشعب، ويعلن عن إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة، لكنه رفض، ولفتت إلى أن السفيرة الأميركية آن باترسون تدخلت عبر وسطاء لإقناع “المعزول”، بقيادة مرحلة انتقالية لمدة ستة شهور، إلا أنه رفض وقال “على جثتي”، فردت عليه لم يبق أمامك سوى 24 ساعة، لتنفيذ مطالب الشعب، ولما أتصلت به بعد إنتهاء المهلة، رد عليها قائلاً مرة أخرى: “على جثتي”، فقالت له: “جيم أوفر”.
ونبهت المصادر إلى أن السيسي تأكد أنه ليس هناك مفر من استجابة القوات المسلحة لمطالب الشعب، والإطاحة بمرسي.
كما إتهم الدكتور محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان، السفارة الأميركية بالقاهرة، بالتدخل لترتيب ما أسماه بـ”الإنقلاب العسكري”، وقال في تدوينة له على صفحته على موقع فايسبوك “بعد فضيحة التدخل السافر من السفارة الأميركية في ترتيبات الانقلاب العسكري الدموي؛ وبعد فضيحة الرضا الأميركي عن خطف رئيس منتخب لرفضه الاملاءات الأميركية عليه؛ الآن تطالب الادارة الأميركية بالافراج عن الرئيس للتغطية على فضيحة الدعم الأميركي للانقلاب”.
وأضاف: “قضيتنا ليست خطف وحبس الرئيس ولكنها خطف وحبس الوطن وبالتالي لن نتراجع بالافراج عن الرئيس وانما بالافراج عن الوطن (انهاء الانقلاب العسكري والغاء كل ما ترتب عليه من آثار وعودة الشرعية الدستورية المنتخبة”.
وتابع: “الشهداء والجرحى لم يقدموا تلك التضحيات الغالية من اجل شخص الرئيس ولكن من اجل وطن حر ودولة مدنية ديمقراطية وليست بوليسية قمعية عسكرية كما يريدها الانقلابيون”، على حد قوله.
وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن الإدارة الأميركية كانت حاضره بقوة في الأيام الأخيرة لمرسي مرسي في الحكم، وكانت على تواصل مع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين بازرين، بعضاً من تفاصيل المكالمات الهاتفية بين السيسي، ونظيره الأميركي جاك هيغل، وقالت في تقرير لها إن: “الرسائل الخاصة والمكالمات الهاتفية في الأيام الأخيرة بين هيغل والسيسي، وضع صانعو السياسات من مختلف أرجاء الإدارة، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الخارجية نقاطها”، مشيرة إلى أن مسؤول أميركي بارز صرح لها، بأن: “صانعو السياسات في أميركا يعتبرون السيسي نقطة الارتكاز في مصر، ما يجعل قناة الاتصال بينه وبين هيغل الأكثر أهمية”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين بارزين قولهم: “المكالمات بين الجنرالين، في الأيام التي سبقت عزل مرسي، أظهرت حدود نفوذ الولايات المتحدة على الجيش المصري”، مشيرة إلى أن: “هيغل حذر السيسي بلطف من الإنقلاب العسكري ضد مرسي، وذلك في المكالمة الأولى عندما حذر السيسي علناً بأن الجيش سيتدخل إذا فشل في حل الأزمة السياسية في البلاد في غضون 48 ساعة”، ولفتت إلى أن “السيسي ومسؤولين عسكريين آخرين أكدوا لنظرائهم الأميركيين أنهم لا يريدون التدخل، لكن سيقومون بما هو ضروري لاستعادة النظام في الشوارع”.
وكشفت الصحيفة عن المسؤولين البارزين بالإدارة الأميركية أن “المكالمات الهاتفية بين السيسي وهيغل، بعد عزل مرسي، أصبحت طويلة ومفصلة، كما تجاوز الأخير قضايا العلاقة العسكرية بين البلدين، وقبل كل مكالمة، تنسق مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، ديريك شوليت، ومستشارين آخرين، جولات في الإدارة، ومن ثم إطلاع هيغل، الذي يتحدث يومياً مع سفيرة الولايات المتحدة لدى مصر، آن باترسون، على ما تريده الولايات المتحدة”.
وأوضحت أن “المكالمات الهاتفية الثلاث الأولى، في أعقاب عزل مرسي، بين الوزيرين، كانت مكالمتين، الجمعة الماضي، وواحدة السبت، التي دامت لأكثر من ساعتين، ركزت على الحكومة الانتقالية، وعلى ضرورة الإفراج عن بعض قادة الإخوان المسلمين الذين تم اعتقالهم، حيث كانت الرسالة التي وجهها للسيسي: “عليك أن تكون شاملاً سياسياً”، ولفتت إلى أن هيغل أبلغ نظيره المصري بأن “الاعتقالات التعسفية لقادة الجماعة من شأنها أن تدفعها تحت الأرض من جديد، مما يزيد التوترات في المستقبل”.
وأبلغ هيغل نظيره المصري بأن: “الولايات المتحدة تعتقد أن الجيش المصري يسمح بانتشار نظريات المؤامرة حول انحياز واشنطن للإخوان، حيث قال له إنه حتى لو كانت المؤسسة العسكرية لا توجه هذه النظريات، فقد سمحت لها بأن تتفاقم، وهو ما يجب أن يتوقف”.
وكشفت الصحيفة أن “علاقة السيسي وهيغل عمرها أكثر من 30 عاماً، حينما كانا يشتركان في دورة تدريبية في المشاة الأميركية، في جورجيا، عام 1981″، مشيرة إلى أنهما تناولا الغداء سوياً لمدة ساعتين في القاهرة، أثناء زيارة هيغل للقاهرة في 24 نيسان (أبريل) الماضي”.
ولفتت إلى أن “السيسي تحدث مع هيغل مباشرة باللغة الإنجليزية، في قضايا عدة منها الأزمة السورية والخطر المتزايد بأن يمتد الصراع خارج الحدود السورية، ما يزعزع استقرار الأردن والمنطقة على نطاق أوسع”