نحتسب أحداث 30 حزيران/2013 والأسبوعين اللذين تلاه، في مصر، أحداثا فاصلة في تاريخ هذا البلد العربي الكبير، وربما في الحياة السياسية لبلاد عربية كثيرة أخرى، ومنها، بالدرجة الأولى، وبشكل خاص، المملكة الأردنية الهاشمية التي، وبسبب مكانتها الجيوسياسية، تعود، مرة أخرى، وكالعادة، لتلَقّى بعض نتائج الصراع في أي بلد عربي مجاور، نتحملها وندفع ثمنها كما يفعل ذلك البلد المجاور.
لقد وجد إرهابيو سيناء، المؤتمرون بأمر مرشد «إخوان» مصر، أن أفضل ما يستطيعون القيام به ردا على هزيمتهم، أمام شعب مصر، هو أن يفجروا أنابيب الغاز الذي ينتهي بالأردن، ونحتاجه لتوفير الكهرباء لمواطنينا.
يحق لنا كمواطنين أن نسأل «إخواننا» الأردنيين عما إذا لم يقصروا في منع ذلك. ألم يكونوا يستطيعون وقف مثل هذه الجريمة، إما مباشرة باتصالهم اليومي مع إخوان مصر وسيناء، أو عبر حماس في غزة؟ ونحن نعلم الصلة بين كل هؤلاء. لماذا لم يفعلوا؟ هل يظنون أنهم يضعفون مصر بعمل كهذا؟ مخطئون إن ظنوا ذلك.
فمصر مشتبكة في معركة تصحيح كبرى، وتتوقع الخسائر وهذه منها؛ ومعلوم أنها تلقت دعما بثماني مليارات دولار في أسبوع واحد من السعودية والإمارات المتحدة؟ أما الخسائر فستبقى أردنية. هل هذا ما استهدفه الإخوان؟ ثم هل هم يعتقدون، حقا، أن جريمة كهذه تقربهم من تحقيق أهدافهم بإعادة نظامهم لما كان عليه قبل سقوطه؟
إن كان هذا هو موقفهم من العلاقات السياسية وأحداثها، فإن مواطنينا الذين يرون الأشياء ببساطة كما هي سيرون، بوضوح أكبر، الآن، عمق المأساة التي عاشها شعب مصر لمدة عام تحت سيطرتهم، وما ينتظرهم، هنا، إن استطاع هؤلاء تحقيق أي هدف من أهدافهم عندنا.
ألا يرون انفضاض الناس عنهم؟ أم أنهم لا يسمعون ولا يرون إلا ما يحبون أن يسمعوا ويروا؟ نحن، المراقبين نستطيع، في اتصالنا الحر مع الناس، أن نرى أن عددا متزايدا منهم صار يسارع لنفي أي صلة لهم «بالإخوان» إذا أثار مظهر لهم شكا في أنه ينتسبون لهم.
أمس، وفي حلقة عصف ذهني، جرى الحديث عن حاجتنا لأحزاب سياسية قوية ذات برامج مقنعة، فضرب أحدهم مثلا في جبهة العمل محتسبا إياها الحزب الوحيد المنظم في البلاد. أثار ذلك فضولنا جميعا، حتى تصدى متحدث آخر واصفا «الجبهة» بأنها كانت حزبا منظما وقويا، فيما مضى؛ لكنها لم تعد كذلك، اليوم، أللهم إلا إذا كان الحديث عن مؤدلجين لا يرون إلا ما يُلقّنون.
مثل هذا الاتجاه في الحديث كان، حتى وقت قريب، مؤلما للكثيرين الذين انطلقوا دائما من اعتقادهم أن الإخوان جزء من نسيجنا السياسي، حتى تبنى هؤلاء نهج المشاكسة والانسحاب من العملية السياسية، والإصرار على المناكفة الغاضبة، فيما يشبه الترصد وانتظار المناسبة للإيقاع بالوطن والناس.
رفضنا تصديق ما كان واضحا، مرة وأخرى. كنا نظن كل ذلك مجرد خطأ إنساني في التقدير وقراءة التاريخ، حتى وقع ما وقع في مصر وفي سيناء، بشكل خاص. وما زلنا نتمنى أن نكون مخطئين.
ثمة أسئلة كثيرة أخرى صار الناس يطرحونها في كل مجلس، فهل هناك إجابة مطمئنة لنا، نحن المواطنين، رفاق الدرب؟