للمرة السادسة عشر على التوالي يباغتنا ويفاجئنا انقطاع الغاز المصري الذي يشكل عصب تخفيف تكلفة إنتاج الكهرباء في الأردن.
انقطاع الغاز المصري ما زال يفاجئنا على مدى ما يقرب من عامين ونصف العام تقريبا أي بمعدل مفاجأة كل شهرين تقريبا.
أهمية الغاز في توليد الكهرباء كبيرة للغاية، فما يحتاجه الأردن لتوليد الكهرباء عن طريق الغاز حصرا هو نحو 320 مليون قدم مكعب يوميا، وقد كانت الاتفاقية المصرية تحدد توريد 250 مليون قدم مكعب يوميا، بيد أن الظروف التقنية بداية والسياسية لاحقا حالت من دون الوصول إلى ذلك الرقم حيث وصل المعدل في العام الماضي إلى نحو 57 مليون قدم مكعب يوميا فقط في حين ارتفعت الكمية منذ بداية العام حتى الانفجار المفاجئ إلى متوسط 105 مليون قدم مكعب يوميا.
وقد ساهم ذلك التدفق منذ بداية العام، إضافة إلى انخفاض أسعار الوقود الثقيل عن العام الماضي، إلى تخفيف عبء تكلفة إنتاج الكهرباء بنسبة لا تقل عن 30 بالمئة ما ساعد على انتفاء الحاجة إلى تعديل تعرفة الكهرباء، وأعطى فرصة للحكومة لتأجيل قرار رفع أسعار الكهرباء منذ بداية العام حتى الآن. الدليل الأكبر على أهمية تدفق الغاز بكميات كافية هو ما حدث عام 2009 حينما اعتمد توليد الكهرباء على الغاز بنسبة 90 بالمئة الأمر الذي جعل شركة الكهرباء الوطنية تحقق أرباحا صافية بلغت أكثر من 33 مليون دينار، علما أن تعرفة الكهرباء في ذلك الوقت كانت أقل من التعرفة الحالية التي تم تعديلها في منتصف عام 2012.
ولعل المقصود هنا أن السعي نحو الحصول على الغاز بكميات مناسبة سيحل مشكلة توليد الكهرباء ويخفف عنا مهرجان رفع أسعار الكهرباء الذي بدأ منذ نهاية العام الماضي حتى الآن.
الشاهد من ذلك كله، أن مصر لم تكن يوما المنتج الوحيد للغاز في العالم، وأن انقطاع الغاز المصري بدأ منذ ما يزيد على عامين، ورغم ذلك كله اكتفينا بالمفاجأة في كل مرة وفي حساب الخسائر التي يتحملها الأردن جراء ذلك الانقطاع والسعي لدى الجانب المصري الذي يشكو من كل أنواع التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لعودة تدفق الغاز. وذلك بدلا من الإسراع في بناء ميناء الغاز في العقبة، بمبلغ لا يتجاوز 100 مليون دينار، واستيراد الغاز من مصادر أخرى وتخزينه في ذلك الميناء ومن ثم توفير عبء توليد الكهرباء على المواطن الذي يتم ملاحقته اليوم لتسديد خسائر شركة الكهرباء على مدى العامين السابقين والعام الحالي. في حين لو أن الحكومات سعت لإنجاز عطاء بناء ميناء الغاز وطرحته منذ عام، لكنا اليوم ننعم بكهرباء كلفتها منخفضة، ولكانت التعرفة الحالية من دون تغيير تحقق أرباحا لشركة الكهرباء حيث تساعد تلك الأرباح في تسديد خسائر الشركة السابقة خلال أقل من عامين.
بيد أننا اليوم في رمضان، وكلمة لو تفتح باب الشيطان، وعليه يكفينا أن نتفاجئ وأن نحسب الخسائر الإضافية لانقطاع الغاز المصري ولعلنا ندعو الله عند الإفطار لإصلاح حال أنبوب ضخ الغاز المصري وعودة تدفقه بكميات كافية، فللصائم دعوة عند إفطاره لا ترد، ولا مانع أن نخصص جزءا من صلاة القيام والتراويح لذات الدعاء. وكل عام وأنتم بألف خير.