نجح الإسرائيليون في تسويق معيار سياسي تبنته الولايات المتحدة يقوم على أن « دولة فلسطين هي هدف يتم تحقيقه نتيجة المفاوضات « وليس إقرارا حتميا أو إنعكاسا لحق من حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة التي يُحاول البعض تقليصها على حق إقامة دولته المستقلة في الضفة والقدس والقطاع ، وهو حق واحد فقط ، ولا يشمل باقي حقوق الشعب الفلسطيني وهي : 1- حق المساواة للفلسطينيين في مناطق الإحتلال الأولى عام 1948 ، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ، و 2- حق العودة للاجئين إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948 ، أي إلى اللد ويافا وحيفا والرملة وبئر السبع وصفد وطبريا ، وإستعادة ممتلكاتهم فيها وعليها ، والتعويض لهم على معاناتهم وتشردهم طوال عشرات السنين الماضية .
حق إقامة دولة ، والعودة ، والمساواة ، غير قابلة للمساومة أو التنازل أو الأستبدال ، مهما تغيرت الظروف والأحوال ، فالدولة هي حصيلة تمسك الشعب العربي الفلسطيني بحقوقه وليس حصيلة المفاوضات ونتائجها ، مثلما لن تكون حصيلة موازين القوى البائنة لصالح عنجهية التفوق الإسرائيلي .
المفاوضات تستهدف وضع الشروط الملائمة لإستعادة حقوق الشعب الفلسطيني وليس التفاوض حول مضمونها أو مدى شرعيتها ، لأن الوقوع في هذا الشرك التفاوضي يفقد المفاوض الفلسطيني شرعية تمثيله للشعب الفلسطيني وشرعية مهنيته لإستعادة حقوقه الكاملة غير منقوصة ، وإن كان ذلك بشكل تدريجي متعدد المراحل كما أقر المجلس الوطني الفلسطيني بالعنوان السائد « الحل المرحلي « ، على أن لا تقف مرحلة عقبة أو عائقاً نحو إستكمال باقي المراحل ، وإستعادة كامل الحقوق ، فطالما هناك إحتلال ، وطالما هناك لاجئ مطرود ، وطالما هناك تمييز ضد الفلسطينيين ، وعنصرية تقع على واحد منهم ، طالما هناك نضال ، وعدم إستقرار في فلسطين وما يحيط بها من تداعيات وإحتلالات .
الإسرائيليون ، إلا لدى القلة عندهم ، لا يفهمون تبدلات الحياة وتطور الأحداث وتقلبات الزمن ، فقد كان العرب يحكمون الكرة الأرضية ، وهم الأن مستعمرون بأشكال مختلفة ، وكانت بريطانيا الدولة الأعظم ، والأتحاد السوفيتي قوة عظمى ، وشعوب سادت ثم إنتهت لأنها طغت ، كما تفعل إسرائيل اليوم ، نموذج للإستعمار والسرقة والأضطهاد والعنصرية ، ترتكب كل الموبقات ضد الإنسانية وحقوق الأنسان في كامل أرض فلسطين ، وهي فوق القانون بسبب إمتلاكها لعوامل القوة الثلاثة : 1- تفوقها النوعي ، 2- نفوذ اليهود العالمي ، 3- قوة الولايات المتحدة المساندة لها ، ويساعدها على ذلك تمزق الشعب الفلسطيني وعدم تمكنه من إستنباط أدوات خلاقة لإستعادة وحدته الوطنية ، وعدم قدرته على إختراق المجتمع الإسرائيلي ، وكسب إنحيازات إسرائيلية ، لعدالة حقوقه وتطلعاته المشروعة ، ولكن التفوق الإسرائيلي لن يبقى ، وموازين القوى غير ثابتة ، فالحياة تتطور ، والتغيير سيتواصل بهزيمة الظلم والإستعمار ولصالح الحق والعدالة مهما تأخر الزمن .
حمادة فراعنة/الدولة تجسيد للحق الفلسطيني
17
المقالة السابقة