عروبة الإخباري – أصدرت السلطات الصينية قانونًا يلزم الأشخاص البالغين بزيارة الوالدين وتفقدهما في شيخوختهما وبخلاف ذلك يقعون تحت طائلة الملاحقة القانونية، ويمكن لمن يخالف هذا القانون أن يعاقب بالغرامة المالية أو السجن. لم يعد الآباء والأمهات الصينيون وحدهم الذين يحثون اطفالهم البالغين على زيارتهم، بل انضمت اليهم الدولة مستخدمة قوة القانون. إذ اصدرت الصين قانوناً جديداً يلزم الأشخاص البالغين بزيارة الوالدين وتفقدهما في شيخوختهما وبخلاف ذلك يقعون تحت طائلة الملاحقة القانونية ويواجهون عقوبات على عقوقهم. ودخل القانون الذي يعدل القانون القديم حيز التنفيذ ابتداء من يوم الاثنين، بسبب الصعوبة المتزايدة التي تواجه الصين في العناية بسكانها المسنين. وكان الآباء والأمهات المسنون في الصين يقاضون اطفالهم البالغين في المحاكم بتهمة اهمالهم عاطفياً قبل صدور القانون. ولكن التعديل الجديد لا يحدد عدد المرات التي يتعين على الشخص أن يزور والديه أو العقوبات التي تواجه المخالف. وفي اول قرار منذ صدور القانون بصيغته الجديدة أصدرت محكمة في مدينة ووشي شرقي الصين أمراً الى زوج وزوجته بأن يزورا حماة الزوج وبخلافه ستُفرض عليهما غرامة مالية أو ربما يودعان السجن. وقال احد صانعي التشريع الجديد شياو جينمنغ استاذ القانون في جامعة شاندونغ إن القانون الجديد يهدف الى رفع مستوى الوعي بأهمية العناية بالوالدين. ونقلت وكالة اسوشيتد برس عن شياو أن القانون يهدف بالدرجة الرئيسية الى “تأكيد حق المسنين في الإعالة العاطفية…. ونريد أن نشدد على وجود حاجة كهذه”. وقالت وانغ يي (57 عامًا)، وهي عاملة تنظيف تعيش بمفردها في شنغهاي، إن القانون الجديد “أفضل من لا شيء”، مشيرة الى أن ولديها يعملان على بعد مئات الكيلومترات في اقليم غوانغدونغ جنوبي الصين، وهي لا تراهما إلا حين يلتئم شمل العائلة مرة واحدة في السنة. وقالت وانغ يي إن زيارة ولديها لها مرة واحدة في السنة “قليلة جدًا بكل تأكيد”، واضافت: “نحن الصينيين نربي اطفالنا لكي يعتنوا بنا في شيخوختنا”. وأمرت المحكمة في مدينة ووشي زوجًا وزوجته بأن يزورا سيدة بالغة من العمر 77 عامًا، وتعيش على بعد 40 كلم مرة واحدة على الأقل كل شهرين، بالاضافة الى الزيارات الالزامية في ايام العطل والاجازات والأعياد، وبخلافه ستُفرض عليهما غرامة وربما يعاقبان بالسجن، كما افادت صحيفة “القضاء الشعبي” الرسمية. واصدرت الصين القانون الجديد بعد تزايد التقارير عن الاهمال الذي يلقاه الوالدان من أبنائهما البالغين. ويلزم القانون الشخص البالغ الذي يزيد عمر والديه على 60 عامًا بتوفير حاجاتهما المالية والروحية اليومية. ورغم أن احترام الكبير ثقافة راسخة في المجتمع الصيني، فإن ثلاثة عقود من الاصلاحات باتجاه اقتصاد السوق عملت على تفكيك العائلة الصينية التقليدية ولا توجد بدائل زهيدة الكلفة مثل بيوت رعاية المسنين. وقال البروفيسور شياو إنه حتى قبل صدور قانون تعديل قانون حماية حقوق المسنين ومصالحهم، كانت هناك قضايا عديدة في المحاكم سببها دعاوى الوالدين على اطفالهما بتهمة التخلف عن إعالتهما عاطفيًا. وتُسوى هذه القضايا عادة بالتوصل الى صيغة يوافق فيها الابن أو البنت على زيادة زياراتهما للوالدين. وعادة لا يكون للمال دور في هذه التسوية. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص في سن الستين فما فوق في الصين من 185 مليونًا الآن الى 487 مليونًا أو 35 في المئة من السكان بحلول عام 2053 ، بحسب ارقام لجنة الشيخوخة الوطنية الصينية. وتعود الزيادة الى ارتفاع متوسط تعمير المواطن الصيني من 41 عامًا الى 73 عامًا في غضون خمسة عقود، وسياسات تخطيط الأسرة التي تحدد عدد الأطفال في المدن عمومًا بطفل واحد للعائلة. وتشكل الشيخوخة السريعة تهديدًا لاستقرار الصين الاجتماعي والاقتصادي نظرًا لانتقال عبء إعالة العدد المتزايد من المسنين الى كاهل السكان العاملين الذين يتناقص عددهم مع بقاء شبكة الأمان الاجتماعي ضعيفة. وقالت الاستاذة الجامعية جانغ يي (36 عامًا) من اقليم جيانغسو جنوبي الصين لوكالة اسوشيتد برس إن القانون “ليس عقلانيًا” ويمارس ضغوطًا شديدة على الذين يهاجرون من ديارهم بحثًا عن العمل أو الاستقلال. واشارت جانغ الى أن زيارة الوالدين صعبة جداً وباهظة الكلفة على الشباب الذين يعيشون في الخارج أو يعملون في اماكن بعيدة. واوضحت أنها كثيرًا ما تزور والديها وتتصل بهما، ولكن “إذا كان الشاب لا يريد ذلك فإني أشك في أن يكون القانون مجديًا”.