المشهد المصري الذي يسير نحو التأزيم السياسي المتزايد، والانقسام المجتمعي الكبير والاستقطاب الحاد المشوب بروح التمرّد والانتقام، والنزوع بفعل الرغبة الجامحة لدى بعض الفئات السياسية بإفشال الإسلاميين بأي ثمن، وهناك معالم مخطط واضح الخطوات بوقف عجلة التحوّل الشعبي العربي من خلال إيقاف قطار الثورات العربية عبر تخريب كبير لمحطة مصر الكبرى وتدميرها.
الحركات الإسلامية بحاجة إلى استدارة كاملة وذكية، ينظرون من خلالها إلى مصلحة “مصر” والأمة العربية أولاً، في ظل تقويم مدى النضج الديمقراطي للشعب المصري والشعوب العربية ومدى تقبل القوى السياسية لنتائج صناديق الاقتراع التي بقيت ما يقارب الستين عاماً في قمة هرم السلطة المتفردة في القرار بلا أدنى مشاركة ودون السماح بأي معارضة، ولا حتى من لونها ومن داخلها.
هناك مجموعة من المثقفين والسياسيين المصريين التي تبحث عن الحل في ظل هذه الظروف الحرجة، بشكل محايد وموضوعي، وطرحت مشروع أول “لمبادرة” ليست مثالية، ولكنها تصلح للبناء عليها وتطويرها، وتفويت الفرصة على المجموعات العبثية والفوضوية، التي تسير نحو العدم، دون شعور بالمسؤولية الوطنية، وتتلخص هذه المبادرة بأهم النقاط التالية:
أولاً: تكليف قائد الجيش وزير الدفاع (السيسي) بتشكيل حكومة إنقاذ وطني مؤقتة، أشبه ما تكون بحكومة طوارئ من وزراء تكنوقراط، وغير حزبيين، تعمل على إعادة الأمن وحماية مؤسسات الدولة، وتأمين مصالح الشعب المصري الاقتصادية.
ثانياً: اجراء انتخابات برلمانية عامة بإشراف حكومة السيسي، خلال ستة أشهر.
ثالثاً: تعيين شخصية قانونية مستقلة مقرراً للجنة تعديل الدستور، بحيث يقوم بتحصيل التوافق على التعديلات الدستورية، وتقليل مساحة الخلاف عليها إلى الحد الأدنى الممكن.
رابعاً: يتم تشكيل حكومة أغلبية برلمانية كما تحددها نتائج الانتخابات العامة.
خامساً: في حال فوز المعارضة بأغلبية البرلمان، يتحتم على الرئيس اجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
سادساً: الالتزام بمعايير النزاهة والشفافية، في اختيار الأكفاء والمؤهلين لمختلف المناصب الحكومية.
تحمل هذه البنود قدراً كبيراً من الإيجابية، وتحمل معاني الاستجابة لطلبات المعارضة الرئيسية، وتشكل مخرجاً معقولاً للأزمة قبل استفحالها وذهابها إلى مدارات جديدة قد تودي بالثورة ومنجزاتها، وتقود إلى حالة من الفوضى لا تحمد عقباها.
وينبغي إضافة بنود جديدة تقتضي بوقف حملات التحريض المتبادلة، وإغلاق قنوات الفتنة، والتزام جميع الأطراف بتحمل المسؤولية الوطنية، وحماية مؤسسات الدولة العامة.
اعطاء الحكومة صلاحيات واسعة في متابعة مثيري الشغب والذين يمارسون العنف والبلطجة والتخريب والحرق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، دون المساس بحق المواطنين بالتعبير السلمي الحضاري عن آرائهم وأفكارهم.
تشكيل لجنة مصالحة عامة من شيوخ الأزهر ورجال الكنيسة القبطية، وبعض قادة الرأي وأهل الحكمة من أجل وضع ميثاق وطني يمنع التعصب بكل أشكاله، ومحاربة الاصطفاف الديني والمذهبي في المعركة السياسية القائمة.
التعهد الجماعي من كل الأطراف السياسية بالمحافظة على العملية الديمقراطية، وعدم السماح لعودة الديكتاتورية والحكم الفردي المطلق وعدم السماح بعودة أحكام القمع ومصادرة الحريات، وضرورة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع بطريقة وحيدة في اختيار أصحاب السلطة ومتخذي القرار.
د.رحيل غرايبة/مبادرة نصف عسكرية
25
المقالة السابقة