كنا أمس (من لهم مواقع الكترونية) ممن جرت دعوتهم نستمع إلى الباشا سميح بينو وأعضاء هيئة مكافحة الفساد ممن تنوعت تخصصاتهم وخبراتهم.. كان الحوار حاداً وقد طرحت فيه أسئلة عديدة وذكية ومتابعة..وأسئلة أخرى هي رجم بالغيب وظن وبعض الظن إثم، ويبدو أن الحجم الهائل من القضايا المتدفقة على الهيئة يجعل التراكم أمامها كبيراً والمسؤولية عظيمة فضغط الشارع متواصل من أجل المزيد من كشف قضايا الفساد التي بلغت ارقاما كبيرة بين قضية صغيرة ومتوسطة وكبيرة ومع ذلك تبقى قضية فساد بغض النظر عن حجمها فالذي يسرق بيضة يسرق جملا كما يقولون والنصوص القانونية لا تميز حين تندرج أي قضية في شبهة الفساد إلى أن تتحول في المحكمة إلى قضية فساد..
جرت الاجابة على معظم الأسئلة بأسلوب شفاف وهناك أسئلة لا إجابات لها لأن لا أصل للقضايا التي يجري السؤال عنها كما أن هناك قضايا تزيد عن 80% من المطروحة يجري التحفظ عليها لعمل توفر المعطيات التي تجعل منها قضية فساد ولنقص البراهين والاثباتات وحين يجري وقف هذه القضايا بأن تحفظ يضج البعض مطالباً بتحويلها للقضاء وهذا مخالف للقانون فالأصل أن المتهم بريء إلى أن تثبت ادانته..
أشفق على رئيس الهيئة وأعضائها الذين أصبحوا بديلاً للمؤسسات الرقابية والوقائية والاخلاقية فالجميع يتوجه إلى الهيئة ويريد الهيئة أن تحل مشكلته ويصبح مطلوباً من الهيئة وقف الفساد الذي لا تستطيع ايقافه بالصورة التي يرغب فيها المواطن فالانشغال يبدأ من الشركات المساهمة العامة والأموال العامة ومراقبة الوظيفة العامة وانتهاء بأسئلة التوجيهي حيث يجري التحقيق مع جهات مسؤولة وهناك موقوفون على ذمة ذلك..
اعتقد أن منسوب الفساد في بعض المواقع وخاصة الشركات المساهمة العامة يتراجع وان الهيئة تثبت جدارتها وتبرر دورها ونفسها رغم قلة عددها وعدتها وحاجتها إلى الدعم المستمر..
شكا رئيس الهيئة من وسائل الاعلام ايضاً ووجه ذلك للجالسين قائلاً «نحن لا نخشى النقد البناء الذي يدلنا على أخطائنا إن وجدت أو يلفت نظرنا إلى أمور غائبة عنا لتصويبها ومعالجتها وكثيراً ما ينسب بعض الصحفيين والاعلاميين أخباراً عنا لم تصدر عن الهيئة ولا عن أي مسؤول فيها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الاتصال بنا للتأكد من صحتها أو من وجودها أصلاً إن مثل هذا الأمر يشوش في كثير من الأحيان على عملنا وعلى صورتنا أمام الرأي العام..
هنا يضع رئيس الهيئة اصبعه على غياب المهنية ولم يذكر أن هناك أطرافاً دخلت إلى حقل الصحافة والاعلام وهي ليست من نبات هذا الحقل وانما هالوك يأكل زرعه ويسيء اليه وأن هذه الأطراف تمثل فساداً قد لا تلتفت اليه الهيئة ولكنه أخطر من سرقة المال العام وفساد الكثير من الشركات حين يستهدف مثل ذلك العمل تخريب بيئة الاستثمار بالهدم والابتزاز وتخريب علاقات الأردن مع دول شقيقة وصديقة من خلال استهداف سفراء لهم حصانة ومن خلال تنصيب من تسربوا الى العمل الصحفي والاعلامي ليصطادوا فيه دون أن يراعوا المصالح الوطنية أو يستوقفهم الاساءة واغتيال الشخصية..
في متابعتي لساعتين من الحوار وتدفق الأسئلة فإنني أغبط رئيس الهيئة وأعضائها على التحمل وروح المداعبة والمجاملة وتحمل بعض التعليقات والأسئلة الساذجة فسميح بينو الذي عرفناه قبل ربع قرن غيره الآن ويبدو أنه تعلم الكثير..يبقى أن نقول إن مكافحة الفساد والخروج على القانون واشاعة العبث والفوضى يحتاج إلى مصدات أخرى غير الهيئة فلو قامت كل جهة بدورها المنوط بها في مؤسساتنا لما كان هذا التراكم الكبير من القضايا والشكاوى التي سمعناها وسمعنا عنها!
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/كان الله في عونك يا مكافحة الفساد!
16
المقالة السابقة