سألني كيف رأيت القاهرة فقلت في ثلاث كلمات «فوضى وحرّ وغلاء»..وما يجري في مصر الآن ينذر بعواقب وخيمة وهناك انقسامات حادة في الشارع المصري يجري النفخ فيها وتحريكها وزيادتها بالحشود والحشود المقابلة وترك المؤسسات والذهاب إلى الشارع والاحتكام اليه رغم ما فيه من فوضى واضطراب وغياب تنظيم وضرب للاقتصاد وتعطيل لعمل المؤسسات والمصانع والمرافق..
لماذا؟ مصر أين؟ وإلى أين؟ كما يقول الكاتب محمد حسنين هيكل..
أكتب من القاهرة وقد جرى استبدال ميدان التحرير بغيره وقد لاحظت يافطات معلقة تنتقد رئيس الجمهورية محمد مرسي وتهون من ولايته وتنذره، مقابل يافطات تتوعد الخارجين عليه والمنتقدين له..
كنت أشهد الحشد الضخم الذي أقامه أنصار مرسي في مدينة نصر بعد صلاة الجمعة وقد تداول الخطباء كلاماً توتيرياً يدعو إلى العنف والانقسام ويحذر المعارضة التي ستحشد بدورها نهاية الشهر أكثر من (5) ملايين وتواصل جمع العرائض وتريد للاحتجاجات أن تعم جميع المحافظات حتى لا تظل القاهرة وحدها أو بعض المدن هي التي تعارض عبر الشاشات وحتى لا يظل ميدان التحرير هو ميدان الاحتجاجات للمعارضة سواء ضد مبارك كما كان من قبل أو ضد مرسي الآن..
المعارضة تتهم جماعة الرئيس مرسي بأنهم أعادوا فتح حوارات ولقاءات مع أنصار مبارك وما أسمي بالفلول وبقايا الحزب الوطني والتعبيرات الفاسدة من العهد السابق من أجل الاستعانة بهم في وجه المعارضة التي تقول إن الثورة قد سرقت وإن الاخوان يحتكرون السلطة ويرفضون المشاركة همهم هو الاستيلاء على المؤسسات كلها وأخونتها..
الكلمات التي سمعتها في الميدان (ومن أكثر من خطيب) تحرض على القضاء والاعلام وتريد القضاء مختلفاً عما هو عليه في اصدار الاحكام كما تريد الاعلام أن يكون في ركاب الرئيس مرسي وجماعته كما كان في ركاب مبارك دون الادراك أن الدنيا تغيرت وأن الاعلام في جزء منه كان مع الثورة وناصرها واستفاد منه الاخوان المسلمون كثيراً للوصول إلى السلطة وهم الآن لا يريدونه في خدمة المعارضة ويتهمونه!!
الشخصيات التي التقيتها قالت أن الأمر لا يختلف الان على المصريين في معاناتهم بين حكم مرسي وحكم مبارك وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تزداد سوءاً..وحتى في القضية الوطنية فإن مصر بشعاراتها الحاكمة ليست أكثر وطنية ولا أكثر قومية وحتى الصراع مع اسرائيل ظل مجمداً كما كان في عهد مبارك بل إن نظام مرسي حرص على ذلك وأرسل أكثر من رسالة تطمين للاسرائيليين بصورة مباشرة وغير مباشرة عبر رسائل سيناء العملية حيث شنت حملات عسكرية تحت شعار مكافحة الارهاب وهناك من يقول اجتثاث المقاومة..
قال لي أحد الكتاب الكبار وقد كان في مجلس الشعب نحن لا نفهم مرسي ونظامه فالأقوال تختلف عن الأفعال خاصة الموقف المفاجيء من سوريا والحملة غير المسبوقة لقطع العلاقات وادخال الهتافات في المظاهرات المصرية وقال النظام مأزوم فقد أراد تصدير الأزمة باتجاه أثيوبيا (الحبشة) بسبب السد الذي تقيمه على مصادر المياه للنيل في اراضيها وتساءل لماذا لم يصدر مرسي الأزمة باتجاه اسرائيل ليكسب ويحشد ويوحد صفوف المصريين الذين يوحدهم عدو واحد لا يستطيع احد أن يزايد عليه ولكنه أضاع البوصلة وهذا الخطأ في التعبئة ضد أثيوبيا دون أن يفتح حوارات وحركة سياسية ستكون نتائجه مثل تدخل عبد الناصر في اليمن حين قصم ظهر القوات المصرية ..
لم يتغير شيء في مصر نحو الأحسن هناك رغبة في السيطرة واقتسام المنافع والنفوذ ودق يده على الطاولة ونظر لي وقال ماذا بعد؟ هل تعتقد أن هؤلاء سيتوقفون عن التحريض؟ قالت الشخصية الأخرى التي ردت انهم ينتظرون مسيرة 30 حزيران القادمة لاشاعة المزيد من الفوضى والتهديد وتذهب مصر من الهدوء النسبي إلى الصدامات وإلى تشريع أبواب الفوضى وإلى العنف فالاخوان لن يتركوا السلطة..لقد وصلوها بكلفة قليلة ولن يبيعوها مهما ارتفع السعر ..قلت أين الديموقراطية والعودة إلى صناديق الانتخابات؟ فنظر اليّ وقال هل عادت حماس للديموقراطية بعد الفوز؟ قلت لا..قال هذا نموذج آخر
سلطان الحطاب /«مصر أين وإلى أين» !
15
المقالة السابقة