هذا الصراع المحموم بين معارضي الرئيس محمد مرسي ومؤيديه قبل ذكرى مرور سنة على توليه مقاليد الأمور في البلاد ينذر بنفق أكثر عمقاً من ذلك الذي توجد فيه الآن مصر، إذا وقع صدام بين الطرفين على الأرض يوم 30 الجاري. ويبدو أن الطرفين يعتقدان أن «الحسم» لن يكون عبر السياسة وإنما عن طريق استخدام العضلات وممارسة النفوذ والسطوة والعنف، رغم ما يطرحانه في وسائل الإعلام من خطب وكلمات وأحدايث تندد بالعنف وتنبذه وتؤكد على الحراك السلمي.
لكن كما حال السياسة في مصر دائماً قبل وبعد الثورة فإن الأفعال لا تنطبق دائماً على الأقوال ولا تتناغم معها. ونبذ العنف قد يكون يتحول وسيلة لتحفيذه أو التحريض عليه. المشهد عند قصر الاتحادية الرئاسي والتحصينات حوله والأبواب التي نزعت لتحل محلها أخرى عملاقة، والإعلان عن كهربتها وكلام الرئيس في حديثه إلى صحيفة «الأهرام» واعتباره الحديث عن أنتخابات مبكرة «عبث»، والهجمات التي طالت مقار حركة «تمرد» في محافظات مصرية عدة بينها المقر الرئيسي، وعزم الإسلاميين تنظيم فعاليات موازية لاحتجاجات «تمرد» وباقي قوى المعارضة في اليوم نفسه، يؤكد مخاوف السلطة من أن تتحول الاحتجاجات إلى ثورة أخرى تطيح بأحلام «الإخوان» في المستقبل وحاضر الجماعة في الحكم وتاريخ صنعه مؤسسها الأول حسن البنا و»إخوانه»، رغم محاولات رموز من الإسلاميين التهوين من قدرة «تمرد» وغيرها من الحركات والقوى الغاضبة على تحريك الجماهير أو النيل من السلطة.
المهم الآن أن كل طرف صارت نظرته وتوقعاته وربما أهدافه من يوم «الذكرى» يمر عبر زاوية مصلحته أو أهدافه بغض النظر عن الواقع أو الحقيقة. ومن الحقائق التي لا يمكن إغفالها لكن يجري التعامل معها بمنطق «المصلحة» وجهة نظر طرفي الصراع في تلك الوثيقة التي أصدرها مرسي قبل سنة حين كان يستعد لخوض الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية وطرح فيها تعهداته وفقاً للتالي:
– العمل الجاد وبأسرع وقت ممكن لحل خمس مشاكل يومية في حياة المواطن المصري: إعادة الأمن والاستقرار، ضبط المرور، توفير الوقود، تحسين رغيف الخبز، وحل مشكلة القمامة.
– تكوين مؤسسة الرئاسة من نواب ومساعديه ومستشارين على أن تشمل كل القوى الوطنية ومن مرشحي الرئاسة الوطنيين والشباب والمرأة المصرية والتيار السلفي والأخوة الأقباط لترسخ معاً معنى المؤسسة الئاسية.
– تشكيل حكومة ائتلافية موسعة من القوى الوطنية المختلفة والكفاءات يختار رئيسها على أساس الكفاءة بالتوافق مع البرلمان ولا يمثل حزب «الحرية والعدالة» فيها الأغلبية.
– زيادة معاش الضمان الاجتماعي ومضاعفة المستفيدين منه مليون ونصف إلى 3 ملايين.
– تخفيف عبء الضرائب ما يعني إسقاط الضرائب كلية عن مليون ونصف أسرة.
– زيادة الرقعة الزراعية مليون ونصف مليون فدان وإسقاط الديون الزراعية عن الفلاحين.
– زيادة الإنفاق على الصحة أربع أضعاف مما سيؤدي الى رعاية صحية كريمة وزيادة المستفيدين من التأمين الصحي والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة.
– توفير أكثر من 700 ألف فرصة عمل سنوياً.
– تخفيف أعباء الأسرة المصرية في نفقات التعليم وتطوير التعليم والبحث العلمي وتحسين أوضاع المعلمين وأساتذة المعاهد والجامعات.
– حماية حق المرأة في العمل والمشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع وعدم السماح بأن ينتزع حق المرأة في الاختيار.
– عدم المساس بحرية الإعلام أو قصف قلم أو منع رأي أو إغلاق قناة او صحيفة في عهدي مع مراعاة القانون وميثاق شرف المهنة فيما بين الإعلاميين.
– ضمان حقوق العاملين عن طريق قانون العمل وبإصلاح هيكل أجور العمال والحرفيين وإقرار زيادة سنوية ملائمة توفر حياة كريمة لهم ولأسرهم.
– أتعهد للسائقين بتيسير إجراءات الترخيص وحل مشكلة أقساط التاكسيات البيضاء.
– إلغاء أي نوع من أنواع التمييز ضد أي مصري.
– التزم بما جاء في البرنامج الرئاسي المنبثق من مشروع النهضة وتحقيق أهداف الثورة والقصاص العادل للشهداء.
إذا سألت معارضاً لـ «لإخوان» وحزبهم «الحرية والعدالة» والرئيس مرسي عن ما تحقق من تلك التعهدات فإن إجابته ستكون: لا شيء. وإذا وجهت السؤال إلى أي إسلامي مصري فإنه سيرد بسرعة: كلها. بين النقيضين تبقى مصر رهن إرادة الجماهير في ذكرى مرور سنة على أول رئيس مدني منتخب وهي التي ستقرر ما إذا كان سيستمر أم الأوان قد آن ليحل «الثاني».