لا تقوم الديموقراطية الا وتكون قد استندت إلى حرية التعبير وحرية التعبير ليست هي الديموقراطية وانما مقدمة لها وفيها فالديموقراطية هي المساءلة..
ولما كانت حرية التعبير في مجتمعاتنا يعوزها التنظيم حتى لا ينقلب اثرها إلى ضده وتصيب مصالح الناس وأمنهم واستقرارهم أو تؤذي وحدتهم الوطنية أو تضع الفتنة في أوساطهم فإنني أشد على يد صديقي وزير الاعلام الدكتور محمد حسين المومني لما قاله في مؤتمره الصحفي قبل أيام عن تفعيل قانون المطبوعات والنشر والذي ينسحب لتنظيم المواقع الالكترونية التي يسيء بعضها القليل لكثيرها النافع فلا أحد في بلادنا مع حرية التعبير وهو صادق في مواطنته وحبه لوطنه ومحاربته للفساد ولكن لا يجوز بالمقابل ان تستغل جهات لها مواقع ومنابر حرية التعبير لتسيء للجسم الصحفي أولاً ولنقابة الصحفيين وللمواطنين واذا كانت المحاكم هي الجهة التي يلجأ اليها المتضررون من سوء استعمال وسائل الاعلام أو حرية التعبير فإن هذه المحاكم وحدها لا تكفي لتتحول لها القضايا بالمئات يومياً من هذا المجال إذ لا بد للقوانين أن تنظم ذلك قبل أن يحال المخالفون للقانون إلى المحاكم فالأصل أن يكون هناك قانون نافذ يجري تطبيقه حيث اقسم رئيس الوزراء والوزراء عليه وعدم تطبيقه هو مخالفة وحتى خيانة..
الحكومة الان تريد وضع هذا القانون في التطبيق وفي هذا السياق تحدث وزير الاعلام ومن حق من يريد أن يحتج أن يمارس احتجاجه بصورة سلمية ومدنية وشريفة بعيداً عن الابتزاز والتشهير..لقد وصلت رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور عشرات الشكاوى من بعض المواقع الالكترونية التي تمارس الابتزاز وتسيء لعلاقات الأردن مع الدول العربية الشقيقة خاصة دول الخليج ليس من خلال نقد سياساتها وانما من خلال التشهير بقادتها وسفراءها والنيل من شعوبها، وهو ما اغضب رئيس الوزراء وجعله يلتفت إلى ضرورة تطبيق القانون وتفعيله وإذا كان بعض السادة النواب يرون خلاف ما ترى الحكومة حرصاً على حرية التعبير واستمرار ارتفاع منسوبها فهذا واجبهم وحقهم ولكن عليهم وهم يتصدون لموقف الحكومة أن يدركوا أن هناك من يريد أن يخرج السفينة على كل ركابها وأن هذا النفر لا بد من وقفه سواء كان ذلك منسجماً مع سياسة الحكومة أم غير منسجم وعلى السادة النواب أن يعلو من شأن الحق العام والعمل العام وأن يدافعوا عنه وأن يفضحوا بعض مراكز القوى السياسية والاجتماعية وحتى بعض المتمولين وقليل جداً من النواب من توظيف واستثمار هذه المواقع للدفاع عن مصالح خاصة وضيقة لخدمة مصالح فردية ومحددة..
لا يجوز لرجالات الدولة ورموزها وحتى لمن يعملون في العمل العام أن يستقووا على بلدهم بمثل هذه الممارسات أو أن يناصروا مواقف لمثل هذه المواقع على حساب المصلحة العامة ولأمر في نفس يعقوب..
كنت تحدثت عن ذلك مع دولة الرئيس الدكتور عبدالله النسور ومع رئيس مجلس النواب المهندس سعد هايل السرور ومع وزير الخارجية السيد ناصر جودة ومع الدكتور محمد حسين المومني وزير الاعلام وقد كنت أحذر مما تقترفه بعض هذه المواقع والتي ربما لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة من اخطاء وخطايا واساءة لضيوفنا وشعبنا وعلاقات بلدنا ولمواطنينا في غياب الردع والقانون وهذا الغياب يبعث على الفوضى ويجعل الناس تخرج عن القانون في الدفاع عن نفسها وأخذ حقوقها بأيديها..
أناشد السادة النواب والحكومة وكل المسؤولين في الدولة الأردنية أن يدعموا حرية التعبير ومنابرها ومؤسساتها وأن يقفوا صفاً واحداً في وجه الهالوك الذي يأكل الزرع وأن ينتبهوا للزوان الذي في القمح حتى لا يساء إلى الجسم الصحفي والاعلامي كله وهنا لا بد من التحية والتقدير لكل المواقع الالكترونية الجادة والمسؤولة والتي يعود لها الفضل في تعزيز حرية التعبير وتأكيدها في مسيرة التمكين الديموقراطي
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/نحو تنظيم مناخ حرية التعبير!
12
المقالة السابقة