لفت انتباهي احتقان الحالة في مدينة معان وجوارها واستمرار ذلك على خلفية أحداث جامعة الحسين في الأيام الماضية ورغم ما نشر فإن التفاصيل لم تصل إلى الرأي العام وهناك من يريد استثمار ما جرى لأهداف محدودة أو لاستفادة جهة على حساب الصالح العام، كما أن هناك من يهدد الدولة ويعطيها مهلا وهذا الأمر يتكرر الآن فقد صدر مثله من أحد السادة النواب ومن جهات مختلفة وهذه مؤشرات خطرة لا يجوز تكرارها ويجب أن تتوقف فوراً وهي ليست من حرية التعبير أو الرأي وإنما من باب التحريض الذي يؤدي إلى العنف وسفك الدماء منذ قبلت الحكومة عطوة الشرطة للمواطنين كان ثمة انحراف جرى تسويغه عند البعض وبرروه بأنه طريقة أقصر وربما أفضل لحل المشاكل بالطريقة التي يفهمها البعض دون ادراك أن تعميم مثل هذا الأسلوب أو التعاطي معه انما يعكس الاستقواء على الدولة ومؤسساتها وبالتالي على القانون أو القوانين النافذة أو التي يجب العمل بها..
لا يجوز اضعاف الدولة لحساب أي مؤسسة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مهما كانت المسوغات فقد جرى الاستثمار الوطني في بناء الدولة الأردنية منذ عام 1921 حين استطاعت الدولة بقيادة مؤسسها آنذاك الأمير عبدالله بن الحسين احتواء كل المكونات الفرعية في الهوية الأردنية وكان التوافق والتعاقد وقامت دولة القانون الذي جرى التقصير احياناً في تأكيده ودعمه وجعله الوسيلة الوحيدة التي لا تشاركها أي وسيلة أخرى في ارساء العدالة وانفاذ الأحكام..
اليوم لا يستطيع أحد ولا يجوز أن يستطيع أحد مهما أوتي من المبررات أو مهما ارتفعت الأصوات التي تؤيده أن يلوي يد الدولة أو يقف في وجه تعبيراتها وأولها الحكومة أو أدواتها المنفذة للقانون وإلا وقعنا في خطأ قاتل ترتب عليه فوضى مستمرة..
احداث معان يجب حلها بوسائل واضحة وشفافة وعملية تؤكد سيادة الدولة وقوة القانون بعيداً عن أي حلول جانبية على حساب ذلك وبعيداً عن المجاملات التي أثبتت أنها تقوم على حساب الاستقرار والثبات وارساء مسلكيات واضحة..ولذا لا يجوز اضاعة الوقت في محاولات غير مفهومة كما لا يجوز اخلاء دور الحكومة أو البحث عن بدائل لدورها فهي صاحبة الولاية في أمن الوطن واستقراره وهي المسؤولة أمام البرلمان فهل الحكومة حاضرة في معان وما حجم حضورها؟ وهل المؤسسات الأخرى في اطارها ماثلة أيضاً وما حجم دورها؟
أهلنا في الجنوب بحاجة الى مزيد من الحوار المؤسسي الفاعل ولا يجوز للحكومة أن تندب من يقوم بدورها أو توكل أو تفوض أو تستمر في تقبل وفهم الأساليب القديمة التي ربما كانت تنجح بشكل مؤقت ..
أحداث معان الآن ليست بريئة في معظمها فقد ثبت أن فيها أصابع وأطراف وجهات متربصة لم تكشف ولم تفضح.
المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتفويض طرف شعبي أو عشائري أو فردي بمقاولة الحل لا يفيد فإن كان المطالبون على حق فليأخذوا حقهم وإن كانوا على باطل وفي تمادي فليتوقفوا بقوة القانون..
ليذهب مجلس النواب يعقد جلسته في معان ولتسعى مؤسسات المجتمع المدني المتعددة من أحزاب ونقابات لتكون في معاضدة الدولة باعتبارها تكوينات مشروعة حتى لا يظل الحل عشائرياً يتصادم مع القانون ويرفض فرضه ..
لقد استرخت الحكومات المتعاقبة في انفاذ القوانين إلى أن اعتلى الصدأ الماكينة المنفذة ..ولذا لا يجوز انداب الشرطة للحل دون غطاء سياسي واضح قائم من توافق الحكومة مع البرلمان لأنه لا حل أمنياً لمثل هذه المشاكل حتى لا يقع الخطأ أو يتولد الشرر الذي تنتظره جهات معادية، لقد قدمنا نماذج ايجابية في رؤيتنا العامة للتعامل مع الحراكات والاضطرابات طوال فترة الربيع الأردني ولا نريد أن يفرض علينا أي طرف الوقوع في الخطا الذي وقع في درعا فانطلقت أحداث سوريا..
لدينا من الوعي والتجارب والتسامح وقدرة النظام وأدواته ما يمنع ذلك وعلينا أن نوقف تحريض الاعلام غير الوطني والمواقع التي ظلت تحرض وتستعدي وتستقوي وتضعف الهمة بالنيل من الشخصيات والعمل حتى وصلنا إلى ما وصلناه ورأينا كيف يكسر الجمل من أجل عشا الواوي..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/لا حل أمنياً للقضايا الساخنة!
21
المقالة السابقة