ليس الأردن، خارج دائرة فعل الحراك الإحتجاجي، ولم ولن يسلم من أثاره القومية والمحلية، فقطار الربيع العربي الذي بدأ بمحطته التونسية وتواصل مع القاهرة وليبيا واليمن، توقف في المحطة السورية، مؤقتاً، حتى يستعيد عافيته، ويواصل طريقه نحو باقي العواصم لتحقيق إنهاء أنظمة العائلة والفرد والقائد والزعيم الملهم والحزب واللون الواحد والقومية والطائفة الواحدة، وبناء أنظمة التعددية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع وتداول السلطة بإتجاه:
– أنظمة جمهورية ذات رؤساء منتخبين.
– وأنظمة ملكية ذا حكومات برلمانية حزبية.
الأردن، لم يكن ولن يكون خارج السياق، ولكن ما الذي جعل الأردن في مأمن من التأثيرات السلبية لثورة الربيع العربي، كما حصل لدى الأشقاء الأخرين، وبدلاً من ذلك، حقق نتائج إيجابية معقولة ومتوازنة، لذلك ثلاثة أسباب وثلاثة عوامل مهمة هي:
أولاً: ضعف المعارضة وتفتتها وعدم وحدتها وإنقسامها إلى ثلاثة عناوين لم تكن موحدة في المواقف والأولويات أولها حركة الإخوان المسلمين، وثانيها الأحزاب القومية واليسارية وعدم إتفاقها مع أجندة الإخوان المسلمين، وثالثها الحراك الشبابي الذي توهم أنه بديل للمعسكرين معسكر الإخوان المسلمين ومن يتبعهم ومعسكر تحالف القوى اليسارية والقومية ومن إنحاز لهم، ولذلك لم يكن الحراك موحداً، ولم يستطع أن يكون جاذباً للأردنيين وإقتصرت نشاطاته على الحزبيين ومن يساندهم.
ثانياً: خشية غالبية الأردنيين من الأثار المدمرة للربيع العربي، كما حصل في ليبيا وكما يجري في سوريا، وكما سبق وحصل للعراق ولا يزال، وكذلك هيمنة الإخوان المسلمين في قطاع غزة ومصر وتونس، مما شكل حالة يقظة، من أجل عدم الوقوع في فخ هيمنة القوى الأصولية غير الديمقراطية وتسلطها.
ثالثاً: توفر القيادة الحكيمة التي وعت رسالة التغيير التي تجتاح العالم العربي، وتجاوبت في وقت مبكر مع مطالب الحراك وتطلعاته، فالتعديلات الدستورية كانت تحولاً مهماً، رافقها قانون إنتخاب نوعي، ومع ذلك وصف رأس الدولة جلالة الملك أن التعديلات الدستورية غير نهائية والقانون يجب تطويره لأنه غير نموذجي، أي أننا ما زلنا في قلب عملية التغيير التدريجي، متعدد المراحل.
أوراق الملك النقاشية الأربع برنامج عمل يتوسل وضع خارطة طريق للإصلاح السياسي للأردنيين، وبوصلة هادية للأطراف سواء للقوى المحافظة التي أسماها جلالة الملك قوى الشد العكسي لعلها تخرج من حالة الماضي وتعيش الحاضر وتسير نحو إستحقاقات المستقبل، أو لدى القوى التقليدية بإتجاهاتها المختلفة الأصولية والقومية واليسارية والليبرالية لعلها تجد في أوراق الملك قواسم مشتركة تعمل من خلالها وتطويرها.
من لم يقرأ كتاب الملك « فرصتنا الأخيرة « وأوراقه النقاشية الأربع «، لا يملك القدرة على قراءة الأردن، بمعاناته وتطلعاته، ومن ثم لا يملك القدرة أن يكون في حضن عملية التغيير والأصلاح التي تستهدف أن يكون بلدنا أمناً مستقراً ديمقراطياً يقوم على التعددية والمواطنة، على أساس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
نملك قيادة حكيمة تحتاج للتجاوب والأقتراب والأستقبال الأيجابي، لنصل جميعاً لشط الأمان، لنظام نيابي ملكي تديره حكومات برلمانية حزبية منتخبة.
h.faraneh@yahoo.com
حمادة فراعنة /نحن في قلب الفعل والحراك
19
المقالة السابقة