هذا يوم بدأنا نحسب فيه استقلالنا 25/ 5/ 1946 ونحن في 25/ 5/ 2013، والاستقلال كالشجرة.. ينمو.. ويثمر وتزداد خصوبة اذا ما تعهده أبناؤه وسهروا عليه وحموه بالانجاز ومنع التحديات الداخلية عليه بالقانون والخارجية عنه بالوحدة الوطنية والاستعداد للتضحية وللاستقلال مظاهر وسمات ولضعفه وغيابه او تراجعه مظاهر وسمات أيضاً..
مجتمعنا اليوم مضى على مسيرته في الاستقلال (67) عاماً ومضى على انطلاق تأسيس الدولة الاردنية (92) عاماً وبرز سؤال التحدي.. ماذا انجزنا في ظل الاستقلال وماذا علينا ان ننجز اكثر لنوطد هذا الاستقلال وندعمه ونرسخه لنقبل به ومن خلال معانيه ودلالاته التحديات..
الذي يتابع تطور فكرة الاستقلال الاردني منذ اعلانه في مثل هذا اليوم من عام 1946 على يد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين يدرك عظم التحديات التي واجهت هذا الوطن، كما يدرك حجم الانجاز المتحقق والمسافة الزمنية التي قطعناها لنصل الى كثير من الأهداف عبر 67 عاما بدأناها من الصفر تقريباً لم تكن في بلدنا إنجازات تذكر حين كانت البدايات ولكن العقود الستة الماضية كانت امتحانا للاردنيين جميعا.. لصلابة اكتافهم وقوة ارادتهم وايمانهم بقدراتهم والتزامهم بوطنهم وقبولهم لقيادتهم.. ولولا ذلك لما تحقق ما تحقق فقد جرى تجنيب الاردن عقلية الانقلابات وفوضى الشعارات لتظل قيادته قريبة من شعبها ومن اهدافه تسعى من اجل حمايته وتوفير العدالة لأبنائه..
لا نزعم ان اهدافنا تحققت كلها ولكننا ندرك ذلك ونحن ما زلنا نضع اقدامنا على طريق التقدم والاصلاح والتغيير الذي لابديل له ان اردنا المزيد من الوحدة والتراص والتقدم.
ما زلنا في مرحلة بلورة تجربة وطنية جديدة بدأت في عهد الملك الرابع عبدالله الثاني ابن الحسين شعارها الاصلاح والتغيير والاستفادة من الربيع العربي وتوظيفه للبناء الايجابي ولمزيد من الشراكة والعمل لارساء مجتمع المساواة والعدل وتكافؤ الفرص، وحتى تكون المواطنة هي الاصل وهي لبنة البناء الاولى في دولة القانون والمؤسسات نواجه صعوبات اقتصادية واخرى اجتماعية منعكسة عنها ونواجه ايضاً اعراض التكيف الانتقال من مرحلة الى اخرى، تستهدف بناء دولة المؤسسات ودولة القانون وتحصينها بعدم التجاوز عليها.
لقد اخترنا طريق الاصلاح لا الانقلاب والاستفادة من تجارب الآخرين ممن دفعوا ثمن الانتقال بشكل مكلف حين ضربت وحدتهم الوطنية وجرى اعاقة التنمية او توقفها واصيبت الوحدة الوطنية بالتشرذم والتفتيت..
في المسيرة الاستقلالية الكثير وما زال مطلوباً الكثير.. ما زلنا نريد المزيد من الاصلاح والتغيير وتوطين الديمقراطية والمشاركة وتعزيزها وتكريس حقوق الانسان والدفاع عنها وبناء مجتمع الانتاجية والكفاءة البعيد عن الريعية والاتكالية ما استطعنا.
كنا اقل من مليون ونحن الآن نزيد عن الستة.. كنا بلا جامعة ونحن الآن امام اكثر من عشرين جامعة.. كما انجزنا بيئة طبية يقصدها الاشقاء العرب وتتمثل فيها خبرات وانجازات وجهود ابناء الاردن من كوادر واطباء ومستشفيات في الذكرى 67 للاستقلال ما زالت تحديات الاقليم المضطرب من حولنا ماثلة وما زالت نماذج العنف والدم والاقتتال والتشرذم قائمة سواء في نموذج العراق او سوريا وحتى الدول التي طالها الربيع العربي في مصر وتونس واليمن غير مبشرة وتدعو للحزن والتأمل والاعتبار.
علينا في هذه المناسبة الجليلة ان ندعو لبناء احزاب ذات مرجعيات وطنية وبرامجية لتكون اداة الانتقال والتغيير وان نعزز المسيرة بالاحتكام لصناديق الاقتراع في كل انجاز للشراكة وان نعزز البرلمان بتقويته وفصل سلطته عن غيرها وتمكينه من دوره في الرقابة والتشريع، وان نجهد من اجل تخفيف الضغوط الاجتماعية عن استقلالية كل سلطة من السلطات الثلاث.
نحن بحاجة الى اصلاحات في التعليم والقضاء والمؤسسات والى تصدي للفساد بكل مظاهره والى الحد من تأثير الجهوية والواسطة والمحسوبية وتعظيم المؤسسية ودور القانون في هذه الذكرى ما زلنا نستطيع ان نفعل وان ننجز وان ننبذ التعطيل والتأجيل والمماطلة وما زلنا نستطيع ان نقود التغيير ونخلص له حتى لا ننتكس كما غيرنا من الذين تخلفوا ولم يقووا على المتابعة او يستمعوا لاصوات الاجيال الطالعة التي ما زال الاستقلال بالنسبة لها يعني الكرامة وحقوق الإنسان وتوفير فرص العيش الكريم.. انه يوم آخر نمسك بقيمه ونعمل على تعظيمها، فألف مبروك.
سلطان الحطاب/في العيد الوطني لبلادنا
22
المقالة السابقة