في العامية أن الذي يخاف من القرد بطلعلوا ويقال من الأفعى.. والطبقة السياسية اللبنانية التي اخترقت الحروب والصراعات والانقسامات والربيع العربي وحروب الجوار بقيت تتثبت بالكراسي والمواقع والمحاصصة بل أن الذين أدركهم الموت منهم ورثوا أو وضعوا بعدهم أقرب الناس إلى مصالحهم.. في لبنان الأن مماحكات متعددة المصادر والأهداف أبرزها ما تابعته خلال أسبوع حول قانون الانتخاب المسمى بالأرثوذكسي وما يقابله من قوى اذار الأخرى..وهذه مماحكات ترفع درجة حرارة الواقع اللبناني وتزيده تعقيداً ليس للأسباب الموضوعية المحيطة المؤثرة ولا حتى للأسباب الذاتية الناتجة عنها أو الموروثة من صراعات متراكمة وانما مما تفتعله الطبقة السياسية اللبنانية بتعبيراتها المختلفة والمتعددة والتي تحترف صراعات لا علاقة لها بمصالح أغلبية المواطنين الذين يعانون انقطاع التيار الكهربائي وزيادة البطالة وارتفاع كلفة المعيشة والاضطرابات الأمنية وانسداد فرص المستقبل فما أن يمتهن السياسي اللبناني الخطابة ويجد له اتباعاً يربطهم بحزب أو طائفة أو مذهب أو عائلة أو مجموعة أو ناحية حتى تبدأ أصناف من التمويل والدعم والامتيازات فيتحول ارتباطه إلى قوى خارجية ظاهرة أو غير ظاهرة مباشرة أو بالوكالة وهكذا يبدأ اعتماد هؤلاء السياسيين الذين لا يفكر أكثرهم في المصالح اللبنانية أو يلتفت اليها إلا بمقدار استعمال هذه المصالح شعارات تجري الاستفادة منها لصالح هذا الفريق أو ذلك..
لماذا لا يقوى اللبنانيون على تشكيل حكومة لبنانية ما زالت معلقة بعد تسمية رئيس الوزراء تمام سلام في أعقاب الضغط على الرئيس ميقاتي الذي ظل يمسك العصا من المنتصف وظل يرى في قانون الانتخاب مسألة لا تحتاج إلى سرعة أو ضغط أو املاء وأن فتح الاستحقاق مبكراً والخصومة حوله سوف ينقل البلاد إلى الصراع وإلى مزيد من الاستقطاب الذي بدا واضحاً الآن ويدفع البلاد لمزيد من الاحتقان ويهيء لصراعات داخلية تتوفر شراراتها في وقت يصبح القش اللبناني الان مع الدخول إلى الصيف أكثر قابلية للاشتعال..
لاحظت أن السياحة اللبنانية ما زالت مضروبة ويزداد تجفيفها بفعل مواقف اقليمية وعربية لها علاقة بالحالة السورية كما تساعد تصرفات بعض القادة اللبنانيين الذين ينتصرون لهذا الطرف أو ذلك على حساب المصلحة اللبنانية على دفع البلاد باتجاه المزيد من التأزيم..
مطار بيروت وسوء العمل فيه شاهد على ذلك واحتكار طيران الشرق الأوسط لرحلات الطيران فوق سوريا وخاصة المتجهة للأردن والخليج وجهات أخرى يعيد للأذهان ممارسات ثقافة الابتزاز التي تسود أثناء الحروب حيث يجري الاحتكار ورفع الاسعار والتعطيل المتعمد واسترقاق المسافرين الذين يقفون في طوابير تستمر لساعتين حتى يصلوا إلى الطائرة وسط اجراءات تعقيدية غير مبررة ولا مفهومة سوى أنه لا شركة تطير الا الشرق الأوسط ولا مسافرين بالسيارات عبر سوريا كبديل عن الرحلة الجوية في حين تضطر الملكية الأردنية التي ضاعفت زمن رحلتها حين سلكت طريقاً أبعد اضطرت فيها أن تذهب من عمان باتجاه الاسكندرية ثم فوق المتوسط إلى بيروت وقد ترتب على طول المسافة ارتفاع الكلفة الذي استغلته شركة طيران الشرق الأوسط نتاج تدفق الركاب عليها بسبب قصر المسافة فرفعت بدورها الأسعار وغيرت مسربها قليلاً فوق الأراضي السورية..
عادت عقلية الابتزاز وثقافته وأسلوب الاحتكار فالطائرات مليئة والتعطيل مفتعل والاجراءات الروتينية تتضاعف في الدخول والخروج وأشكال من التدقيق الذي لا يحمل تبريراً..
اللبنانيون منقسمون بشكل أعمق وأكثر انشطاراً من أي وقت مضى بين آذار وفي الاحزاب والطوائف ومن صراعات الآخرين واستقطاباتهم وبدل أن يذهبوا بلبنان باتجاه توحيد الهدف والصف ورص صفوفه لمواجهة التحديات الذاتية المتزايدة والموضوعية المحيطة والمخيفة فإن أكثر قياداتهم تركب هذه الموجات وتبيع لها وفيها لتكرس نفسها أو توسع مجال استخدامها..
لبنان برسم الانفجار وأكثر قياداته تدخل إلى مساجلات سفسطانية كتلك التي دارت أثناء حصار القسطنطينية حول جنس الملائكة ونوع قانون الانتخاب في حين تخترق الحدود اللبنانية بالسلاح وتقتحم بالغارات فحزب الله الذي اقنع اللبنانيين ذات مرة انه يدافع عن جنوبهم وارضهم واقنع العرب أنه قوة المقاومة الوحيدة الباقية استدار ليقاتل في سوريا كما أصبح يشكل خطراً على التعددية اللبنانية الهشة ويهدد استمراره في اي لحظة وهو برسم اجتياح بيروت اذا ما رغبت دمشق أو طهران..فأين القيادات اللبنانية من مناقشة ذلك بدل الاحتراب على قانون انتخاب لا يقدم ولا يؤخر منذ الطائف وحتى اليوم وإلى كل زمن امراء الطوائف..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/لبنان..اللي يخاف من القرد!
15
المقالة السابقة