لا أعتقد أنه جرى تشخيص دقيق لدوافع وأسباب العنف في الجامعات حتى الآن رغم أنني سمعت من وزير الداخلية حسين المجالي أن وزير التعليم العالي الدكتور أمين محمود قدم دراسة مدحها المجالي وأثنى عليها وقال انها الأكثر صواباً وشمولاً وتشخيصاً للحال، لم أقرأ الدراسة ولم أطلع عليها ولا أعرف إن كانت هذه الدراسة لاطلاع العامة أم أنها مقتصرة على اطلاع المسؤولين ومتخذي القرار..
وفي نفس السياق كنت سألت الوزير عن مضمون الـ (C.D) الذي أعطاه لرئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وقال له هذا كل ما حدث وقد رأينا المشهد، مشهد مناولة الـ (C.D) دون أن نعرف ماذا فيه ولماذا لم يطلع الرأي العام على ذلك ولم يبث محتواه على التلفزيون وكان تبرير السيد وزير الداخلية أن القضية من مجريات وأسماء هي بين يدي القضاء ولا يجوز الاجتهاد فيها طالما أنها منظورة ومع ذلك فإنني أتمنى على الحكومة بث مضمون الـ (C.D) ليتبين الخيط الأبيض من الأسود في قضايا العنف الجامعي وحتى يدرك الجميع ما الذي يجري وما هي أبعاده فلا أحد ليس له أبناء أو أقارب في الجامعات التي يمولها دافع الضريبة وهو المواطن من جيبه ومن حقه أن يعترض على استباحتها ونهبها وتكسير مقتنياتها أو حتى الاساءة لها..
في موضوع العنف الجامعي سألت وسألت عن الدوافع وما إذا كان ما يجري هو من صنع الطلاب أم أن أيدي خفية تتسرب إلى الجامعات لتحدث الفوضى والعبث حيث تنتقل مواقع العنف من جامعة إلى أخرى لدرجة أنه لم يتبق جامعة واحدة سواء من جامعات القطاع الخاص الأهلية أم الرسمية لم يطلها العنف والاضرار..
لقد لفت انتباهي أثناء التحقيق في أحداث مرت في جامعة جرش تصريح أحد المسؤولين بقوله ان التحقيقات مع الطلاب أفادت أن بعضهم قد تلقى مالاً من أجل احداث فوضى في جامعته فإن كان هذا صحيحاً فتلك مسألة مثيرة فلماذا لم يتوقف عندها المحقق؟ ولماذا لم تتوقف عندها الجامعة والجهات المسؤولة عن الجامعات والأمن أيضاً؟ ولماذا جرى تجاوز ذلك ونسيانه؟ كيف للأسلحة أن تدخل الجامعات ؟ ولماذا وبأي الوسائل؟ ومن وراء ذلك؟ ولماذا يترك السلاح في ايدي المواطنين دون وجود خطة أو برنامج لحصره أو رقابته أو الحد منه أو حتى سحبه ؟ كنت سألت إن كانت وراء احداث جامعة الحسين أيد خارجية او جهات متطرفة أو أصولية أو تكفيرية أو عابثة وكانت الاجابة بالنفي..فماذا إذن؟ والسؤال أين هو القانون الذي تحدث جلالة الملك في لقائه مع أعضاء مجلس النواب عن ضرورة تطبيقه فدولة القانون أقوى من دولة الهراوة والدولة الديموقراطية هي التي لا تغمض عيونها عن اي مخالفة أو تجاوز على القانون في حين تفعل الدول الدكتاتورية عكس ذلك فتطبق على البعض وتتجاوز عن البعض الآخر والنتيجة ما عرفنا ورأينا..
وحتى لا نتحدث كثيراً ولا نفعل شيئاً فإن التحدي الماثل أمامنا من عنف الجامعات يدفعنا للاجابة على كثير من الأسئلة واتخاذ العديد من الخطوات حتى لا نبقى نراوح في اماكننا ونعاود دب الصوت كلما «دق الكوز في الجرة» كما يقولون وكلما تكررت أحداث الجامعات التي ما زلنا نقف أمامها نفغر أفواهنا عاجزين أو شاجبين فنشبع الأحداث نقداً وشتماً وتدمر الجامعات وصورتها والتعليم ورسالته وفلسفته وتسحب مجتمعنا إلى التخلف وفقدان سلاح التعليم والاستفادة منه..
لماذا لا نحرك ساكناً ونكتفي بوصف عقوبات لاحقة لا نطبق منها شيئاً؟ أو ندعو لتغليظ العقوبات التي لا تأتي بجديد أو نهرب من وضع أيدينا على الجرح أو الخطأ أو تسمية الأشياء بأسمائها..
لماذا لا نسمح للعمل الحزبي في الجامعات ليكون بديلاً لكل الصيغ الاجتماعية القائمة ؟ من الذي يمنعنا وما مخاطر ذلك؟ ألم تكن جامعاتنا وخاصة الأردنية منذ نشأت تقوم العلاقات والروابط بين الطلاب فيها على أسس فكرية وثقافية وحتى حزبية وسياسية وكان التنافس ايجابياً..لماذا تغير هذا ومن وراءه ؟ لماذا بنينا لكل بلدة أو محافظة أو عشيرة أو مجموعة عشائر جامعة فكرسنا الجهوية والعضوية ولم يعد يقوى طلاب محافظة أن يذهبوا للدراسة إلى محافظة أخرى ؟ أليس هذا جزءاً من التشخيص في روشيته كبيرة.. فمتى العلاج ؟ ومتى تصرف الروشيته؟
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/العنف الجامعي ..العلاج ..
21