ستشهد لاهاي مؤتمرا دوليا حول الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال خلال أسابيع قليلة. وفي القاهرة تجري محادثات برعاية مصرية (لتقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس بشأن المصالحة والوزارة المقبلة التي من المقرر أن يترأسها محمود عباس ـ الرئيس الفلسطيني). وهناك حراك أميركي في اتجاه الفلسطينيين للضغط عليهم لكي يعودوا إلى طاولة المفاوضات مع كيان الاحتلال الصهيوني.
هناك مشكلة مزمنة اسمها اللاجئون الفلسطينيون في الشتات. وهناك خلافات بشأن انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بين الحركات والأحزاب والمنظمات الفلسطينية عامة وحركتي حماس وفتح خاصة. وهناك مشكلة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان. وهناك مشكلة سرقة المياه الفلسطينية التي يقوم بها الاحتلال. هناك مشكلة تهويد القدس وبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية المحتلتين. وهناك قضية الجدار العنصري الذي بناه الاحتلال. وهناك الحواجز الصهيونية وحملات الاعتقالات اليومية التي تطول الفلسطينيين في الضفة عدا عن استمرار محاصرة أهلنا في قطاع غزة.
هناك وهناك العشرات من القضايا الفرعية التي نشأت أساسا بسبب العدوان الصهيوني على العرب عموما وعلى فلسطين خصوصا. لاحظوا أننا بكل ما ذكرنا لم نأتِ على جامعة الدول العربية ودورها (الفلسطيني)، ولم نأتِ على المانحين ودورهم في حث السلطة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات بدون شروط. وهناك الدور الأميركي اليومي في الشأن الفلسطيني، وهو دور صهيوني معادٍ للحق العربي الفلسطيني على طول الخط. كما أن هناك حالة الانقسام المؤلمة بين القطاع والضفة؛ أي بين حركتي فتح وحماس وأثرها في الشارع الفلسطيني؛ أي تعميم حالة الانقسام لتشمل الشعب الفلسطيني.
لماذا كل هذا وذاك من المشكلات؟ هل يعود السبب إلى (غرام) فلسطيني بإحداث وخلق المشكلات؟ أم لأن هناك ما وقع منذ خمسة وستين عاما في المنطقة؟ أجل يجب العودة إلى سبب ما يحدث اليوم من مضاعفات للحال الفلسطينية والعربية والدولية. يجب أن نعود إلى جذر القضية، وهو قيام كيان الاحتلال الصهيوني الإجرامي والعنصري في قلب الوطن العربي ـ فلسطين.
حروب 1956و1967 و1973 و1982 و2006 وما سيأتي من حروب كلها بسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين. إذًا، الإغراق في الفرع مضيعة للقضية ومحاولة الالتفاف من حول المشكلة دون ضرب رأسها. رأس المشكلة هو قيام كيان الاحتلال الصهيوني الذي يشكل تهديدا للوجود القومي للأمة العربية وللمسلمين، كما أنه بات يشكل خطرا على الأمن والسلم في العالم كله.
لا تضيعوا في الفروع ولا تقفوا طويلا عندها. على الفلسطينيين والعرب كما على المسلمين وأحرار الدنيا البحث في أسباب المشكلات والحروب وتهديد الأمن والسلم في العالم. عليهم أن يحاولوا اجتثاث بؤرة العفن .. السرطان الصهيوني في قلب فلسطيننا الحبيبة. اللاجئون والأسرى والقدس والمياه وحصار غزة والخلافات والانقسام كلها نتائج مباشرة للاحتلال الصهيوني لفلسطين. حالة الشلل العربي حيال القضية الفلسطينية سببها وجود مرض اسمه (إسرائيل)، وهو تهديد مباشر ودائم للعرب كلهم من كان منهم لصيقا بفلسطين، ومن كان منهم بعيدا جغرافيا عنها.
نواف أبو الهيجاء كاتب فلسطيني
Nawaf.m.abulhaija@gmail.com