تتحمل خزينة الأردن اليوم أعباء كبيرة جراء استضافة ما يقرب من نصف مليون لاجئ سوري على الأقل.
وبالرغم مما قيل من مغانم يحصل عليها الأردن جراء الدعم المالي من بعض الدول أو من وجود بعض اللاجئين بإمكانات مادية قادرة على الصرف والاعتماد على النفس، ومن وجود بعض الاستثمارات السورية الجديدة، بيد أن الواقع يقول إن كل لاجئ مقيم في الأردن يحصل على أشكال مختلفة من الدعم في مجال المياه والطاقة، والتعليم والصحة، ناهيك عن الضغوط الكبرى التي تشكلها زيادة مفاجئة في عدد سكان البلاد تصل الى ما يقرب من 10 بالمئة من المقيمين الأصليين وذلك على البنى التحتية من طرق ومواصلات وصرف صحي وغيرها.
يضاف الى ذلك كله الآثار الاجتماعية السلبية على مستويات الفقر والبطالة وأحداث شغب وغيرها.
وليس المطلوب هنا التخلي عن الدور الإنساني والأخلاقي والقومي الكبير الذي تقوم به الأردن في وجه هذه الأزمة، بل إن المطلوب أخلاقيا وإنسانيا وقوميا من دول المنطقة بشكل خاص أن تقوم بدورها في دعم ما تتحمله الخزينة العامة في الأردن من أعباء باتت تنوء بها القدرات المتواضعة للبلاد، وقد اضطرت الحكومات المتعاقبة الى نقل جزء من ذلك العبء الى المواطن العادي عبر أشكال رفع الدعم وزيادة بعض الضرائب على المشتقات النفطية، ناهيك عن التوجه اليوم نحو تعديل تعرفة الكهرباء بمبالغ لم يعد المواطن العادي قادرا على تحملها رغم إيمانه إنسانيا وأخلاقيا وقوميا بضرورة دعم الأشقاء السوريين واقتسام لقمة العيش معهم.
لقد أعطت الإمارات العربية المتحدة مثلا طيبا في تبني إقامة مخيم مرجيب الفهود شرقي المملكة لاستضافة عدد جديد من اللاجئين السوريين وتحملت نفقات إقامة ذلك المخيم، وهي عادة دولة الإمارات العربية منذ عهد المغفور له الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله الذي بنى مدنا كاملة في مصر لمساعدة الطبقات الفقيرة ورقيقة الحال هناك.
بيد أن العديد من دول المنطقة يلوذ بالمشاهدة دون تقديم دعم جوهري سوى بعض المساعدات العينية التي فاضت أحيانا عن الاحتياج الحقيقي وأصبحت تطرح من قبل اللاجئين في بعض الأسواق للبيع لكثرة ما ورد منها وللخوف من انتهاء صلاحيتها لعدم القدرة على تخزينه.
الحقيقة التي أوردتها الدراسة المستقلة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أشارت الى أن الكلفة المباشرة للاجئ الواحد على خزينة الدولة، جراء حصوله على السلع والخدمات المدعومة، تصل الى نحو 2500 دينار سنويا، أي أن نصف مليون لاجئ سوري يكلفون خزينة الدولة الأردنية ما يزيد على مليار وربع المليار دينار سنويا.
باعتقادي بات من الواضح اليوم أن المطلوب من الدول العربية خاصة ودول العالم اجمع أن يتم تخصيص صندوق مستقل لدعم الخزينة العامة في الأردن عبر تخصيص مبلغ 2500 دينار، أو جزء من ذلك المبلغ، سنويا لكل لاجئ مقيم في الأردن والى حين تنجلي هذه الغمة وتنفرج الأمور على الأردن وسورية على حد سواء. كلنا أمل أن يتخذ مجلس التعاون الخليجي قرارا بهذا الخصوص يظهر فيه تشارك المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقومية مع الأردن في هذه الظروف الصعبة.
د.خالد الوزني /أزمة اللاجئين وتقاسم المغارم
20
المقالة السابقة