لم اتمكن من حضور المؤتمر الصحفي للرئيس أوباما في عمان والذي عقده شراكة مع الملك عبدالله الثاني فقد كنت مسافراً وهذا حرمني من أن أتابعه في نشرة الأخبار على التلفزيون وكنت قرأت العديد من التعليقات عن المؤتمر وبعضها حمّله ما لا يحتمل كما أن البعض الآخر أغفل جوانب هامة فيه وراح المجتهدون يصيبون اجراً واحداً وقليل منهم أصاب أجرين.
كنت على موعد مع السفير الأميركي ستيوارت جونز لاجراء حوار معه عن زيارة الرئيس أوباما للأردن وكان لزاماً علّي وأنا احضر الأسئلة للحوار أن أعود لمشاهدة المؤتمر الصحفي واطلع على مضامينه وما فيه من التزامات ازاء الأردن وما فيه ايضاً من مواقف جديدة للولايات المتحدة وما إذا كانت هذه المواقف قد تغيرت أو تأكدت وقد جاءت الأسئلة واجاباتها الواسعة التي دللت على ارتياح الرئيس أوباما ورغبته في الحديث والشرح والتفسير وعكست فهمه لجغرافيا المنطقة وكذلك خلفيات احداثها التاريخية وخاصة في الصراع العربي الاسرائيلي وتحديداً الفلسطيني.
ولأن المؤتمر الصحفي سواء في المتن أي الكلام الذي سبق الأسئلة أو في الهوامش حيث الاجابات جاء على درجة كبيرة من الأهمية وخاصة ما يتعلق من مضمونه بالأردن والالتزام الأميركي بأمنه واستقراره ومساعدته والوقوف إلى جانبه كحليف وصديق يحتاج إلى دعم وهذه نقطة أحببت أن أسأل فيها فالالتزام الأميركي تجاه الأردن في السنوات الأخيرة ظل ثابتاً ومتجدداً وجاء في السياق دعم مباشر بـ (200) مليون دولار ووعود باستمرار دعم الأردن للتصدي لتحدي ازدياد أعداد اللاجئين السوريين في المملكة وما يترتب على ذلك من تبعات متزايدة يحتاج الأردن معها إلى اسناد دولي بأكثر من وسيلة واسلوب..
الرئيس الأميركي الذي ذكر في المؤتمر الصحفي بزيارته الأولى للمملكة حين كان عضواً في الكونغرس وأن الملك عبدالله الثاني أوصله لمطار الملكة علياء بسيارته وأنه ساق به بسرعة وهي استضافة ظل الرئيس أوباما ممتناً لها ويكررها في أكثر من مناسبة وهو يتحدث عن دور أردني ملتزم بعملية السلام ودافع عنها وساهم فيها اذ شجع الرئيس أوباما كما في مؤتمره على المضي قدماً لمساعدة كل الأطراف من الاقتراب من الاهداف المرجوة..
كان المؤتمر طويلاً وغنياً تحدث عن سوريا وعن ضرورة التغيير فيها ورحيل الأسد عنها وعن ضرورة حقن الدماء ووقف القتال وعن محنة المجتمع الدولي نتاج ما يجري وضرورة وقفه ورأى الملك أن المسألة تتعلق بالانتقال السلمي وضرورة تغيير النظام لتبقى سوريا بعيدة عن التمزق وقال أن مسألة لجوء الأسد يقررها الأسد نفسه ويقدم المجتمع الدولي تصورات فيها وأشار إلى الرئيس أوباما باعتبار أن المسألة ليست شخصية وانما حل لمعضلة دولية كبيرة..
كان موقف الملك حاسماً وواضحاً ازاء رفض أي ضربة لايران أو فتح أي معارك في منطقة «فيها ما يكفيها» كما يقولون منبهاً الى التحديات والمشاكل التي تعيشها دول وشعوب هذه المنطقة.
كان الملك مرتاحاً للقاء وقد أعطى الاجابات وقتها وعلق حتى على اجابات الرئيس وخاصة في الموضوع السوري والايراني، الزيارة الأميركية فتحت باباً واسعاً لاستمرار التشاور وبناء رؤية تتكامل حول العديد من القضايا وأناطت لوزير الخارجية الاميركي كيري بمواصلة الجهد الذي لم تضع الادارة الامريكية له برنامجاً معلناً سلفاً والمتعلق بإعادة الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات خلال شهرين يضمنان تحريك الوضع وهما الشهران اللذان تحدث عنهما وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأنهما بدآ في النفاذ.
الجهود متصلة وسيبني عليها الملك في زيارته القادمة للولايات المتحدة في 20/ 4/ 2013 حيث سيحمل أكثر من سؤال ولديه اجابات وهي محاولة جادة ليس فقط في موضوع دفع عملية السلام ولكن حول موضوعات أخرى ضاغطة وخطيرة كالأزمة السورية وأيضاً ما يواجه بعد البلدان العربية من تحديات وخاصة ما تقوم به ايران من تحديات ازاء البحرين وهو ما أرادت زيارة وزير الخارجية البحريني إلى الأردن شرحه وحتى تحميل الملك رسائل ظل يرى فيها انها جزء من مهماته وفي خدمة أمته وشعوبها وفي خدمة الاشقاء في البحرين..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب /إعادة قراءة في مؤتمر أوباما الصحفي في عمان!
15
المقالة السابقة